قلت: لا يجوز أن يريد غيره، لان لفظ العمل يشمل الاعتقاد والنطق باللسان وحركات الأركان بالعبادات، إذ كل ذلك عمل وفعل، وإن كان بعضه من أفعال القلوب، وبعضه من أفعال الجوارح، والقول بأن الاسلام هو العمل بالأركان خاصة لم يقل به أحد، انتهى (1).
وقال ابن ميثم: هذا قياس مفصول مركب من قياسات (2) طويت نتائجها وينتج القياس الأول أن الاسلام هو اليقين، والثاني أنه التصديق، والثالث أنه الاقرار، والرابع أنه الأداء، والخامس أنه العمل أما المقدمة الأولى فلان الاسلام هو الدخول في الطاعة، ويلزمه التسليم لله، وصدق اللازم على ملزومه ظاهر، وأما الثانية فلان التسليم الحق إنما يكون ممن تيقن استحقاق المطاع للتسليم له، فاليقين من لوازم التسليم لله، وأما الثالثة فلان اليقين بذلك مستلزم للتصديق بما جاء به على لسان رسوله، من وجوب طاعته، فصدق على اليقين به أنه تصديق له، وأما الرابعة فلان التصديق لله في وجوب طاعته إقرار بصدق الله، وأما الخامسة فلان الاقرار والاعتراف بوجوب أمر يستلزم أداء المقر المعترف لما أقر به، وكان إقراره أداء لازما، السادسة أن أداء ما اعترف به لله من الطاعة الواجبة لا يكون إلا عملا، ويؤول حاصل هذا الترتيب إلى إنتاج أن الاسلام هو العمل لله، بمقتضى أوامره، وهو تفسير بالخاصة كما سبق بيانه انتهى (3) وكأن ما ذكرنا أنسب وأوفق.
وقال الكيدري رحمه الله: " الاسلام هو التسليم " يعني: الدين هو الانقياد للحق والاذعان له " والتسليم هو اليقين " أي صادر عنه ولازم له، فكأنه هو من فرط تعلقه به " والتصديق هو الاقرار " أي إقرار الذهن وحكمه " والاقرار هو الأداء " أي مستلزم للأداء وشديد الشبه بالعلة له، لان من تيقن حقية الشئ، وأن