أعظم العبر " ومن عرف السنة فكأنما كان مع الأولين " في حياتهم أو بعد موتهم أيضا فان المعرفة الكاملة تفيد فائده المعاينة لأهلها، " واهتدى " أي بذلك " إلى التي هي أقوم " أي إلى الطريقة التي هي أقوم الطرائق.
ثم بين عليه السلام كيفية العبرة فقال: " ونظر إلى من نجا " أي من الأولين " بما نجا " من متابعة الأنبياء والمرسلين، والأوصياء المرضيين، والاقتداء بهم علما وعملا " ومن هلك بما هلك " من مخالفة أئمة الدين، ومتابعة الأهواء المضلة والشهوات المزلة، وليست هذه الفقرات من قوله " واهتدى " إلى قوله " بطاعته " في سائر الكتب.
" والعدل على أربع شعب " كأن المراد بالعدل هنا ترك الظلم، والحكم بالحق بين الناس، وإنصاف الناس من نفسه، لا ما هو مصطلح الحكماء من التوسط في الأمور فإنه يرجع إلى سائر الأخلاق الحسنة " غامض الفهم " الغامض خلاف الواضح من الكلام ونسبته إلى الفهم مجاز، وكأن المعنى فهم الغوامض، أو هو من قولهم أغمض حد السيف أي رققه، وفي النهج والتحف " غائص " من الغوص وهو الدخول تحت الماء لاخراج اللؤلؤ وغيره، وقال الكيدري: وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف للتأكيد والفهم الغائص ما يهجم على الشئ فيطلع على ما هو عليه كمن يغوص على الدر و اللؤلؤ " وغمر العلم " أي كثرته، في القاموس: الغمر الماء الكثير، وغمر الماء غمارة وغمورة كثر، وغمره الماء غمرا واغتمره غطاه وفي النهج " وغور العلم " وغور كل شئ قعره، والغور الدخول في الشئ وتدقيق النظر في الامر " وزهرة الحكم " الزهرة بالفتح البهجة، والنضارة والحسن والبياض ونور النبات، والحكم بالضم القضاء والعلم والفقه " وروضة الحلم " الإضافة فيها وفي الفقرة السابقة من قبيل لجين الماء، وفيهما مكنية وتخييلية، حيث شبه الحكم الواقعي بالزهرة لكونه معجبا ومثمرا لأنواع الثمرات الدنيوية والأخروية والحلم بالروضة لكونه رائقا ونافعا في الدارين وفي النهج " ورساخة الحلم " يقال: رسخ كمنع رسوخا بالضم ورساخة بالفتح أي ثبت والحلم الأناة والتثبت، وقيل: هو الامساك عن المبادرة