وحرامه، وفرائضه، وسننه، وأحكامه، مستغن عن جميع العالم، وغيره محتاج إليه، وأنه أسخى الناس، وأشجع الناس.
والعلة في وجوب العصمة أنه إن لم يكن معصوما لم يؤمن منه أن يدخل في بعض ما يدخل فيه الناس، من ارتكاب المحارم بغلبة الشهوات فإذا دخل في شئ من الذنوب احتاج إلى من يقيم عليه الحدود التي فرضها الله، ولا يجوز أن يكون إماما على الناس مؤديا لهم من يكون بهذه الصفة من ارتكاب الذنوب، والعلة في أن يكون أعلم الناس أنه إن لم يكن عالما بجميع الحلال والحرام، وفنون العلوم التي يحتاج الناس إليها في أمور دينهم ودنياهم، لم يؤمن منه أن يقلب شرايع الله وأحكامه وحدوده، فيقطع من لا يجب عليه القطع، ويقتل ويصلب السارق، و يحد ويضرب المحارب، والعلة في أنه يجب أن يكون أسخى الناس أنه خازن المسلمين، والمؤتمن على أموالهم وفيئهم، وإن لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم فأخذها، والعلة في أنه يجب أن يكون أشجع الناس لأنه فئة المسلمين: إليه يرجعون في الحروب، وإن لم يكن أشجعهم لم يؤمن منه أن يهرب ويفر من الزحف و يسلمهم للقتل والعطب فيبوء بغضب من الله كما قال عز وجل " ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله " (1) فلا يجوز أن يفر من الحرب ويبوء بغضب من الله.
وجعل الله عز وجل لهذه الفرائض الأربع دلالتين، وهما أعظم الدلائل في السماء الشمس والقمر، فدلالة الصلاة التي هي أعظم هذه الأربعة وهي عمود الدين وهي أشرفها وأجلها: الشمس يقول الله عز وجل " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل، وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا " (2) فلا تعرف مواقيت الصلاة إلا بالشمس: أولها الزوال عن كبد السماء، وهو وقت الظهر، ثم العصر بعدها، ودليلها ما تقدم من الزوال، والمغرب إذا سقط القرص (3) وهو من الشمس