أو يكون قوله " وماتوا " من كلامه عليه السلام اقتباسا من الآية، أو يكون في قراءتهم عليهم السلام هكذا وقوله عليه السلام: " وحبط عمله " إشارة إلى قوله تعالى: " ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين " (1) فكأنه عليه السلام استشهد بهذه الآية على عدم قبول أعمال المنافقين، لاثبات الكفر لهم في الآية السابقة ثم لما ذكر عليه السلام أولا أنه: ليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة، وقال: للايمان حالات ومنازل، أشار عليه السلام هنا إلى بعض شرايط الايمان، وبعض الحالات التي لا يقبل الايمان فيها، وهي حال رؤية البأس، فقال:
" وكذلك قال الله سبحانه ".
" وهذا كثير " أي شروط الايمان أو خصوص هذا الشرط، وهو عدم كونه عند رؤية البأس، وإنما ذكر ذلك لرفع استبعاد السائل اشتراط قبول الأعمال بالاهتداء ثم عاد إلى بيان الاهتداء وأن المراد به الولاية، وحاصل الجواب أنه لا تنافي بين الآيتين إذ في الآية الأولى شرط الايمان الأعمال الصالحة، والايمان مشروط بالولاية، وصلاح العمل لا يكون إلا بالأخذ عن الأئمة، فالاهتداء داخل في الأولى إجمالا وفي الثانية تفصيلا أيضا وللايمان درجات ومعان فيمكن أن يراد بالايمان في إحدى الآيتين غير ما هو المراد في الأخرى.
" ويدفعون عهد رسول الله " أي خلافة أمير المؤمنين ووصايته " انقلبتم على أعقابكم " كما ارتدوا بعد موته بترك وصيه، وبيعة العجل والسامري " فلا تهذب نفسك " أي لا تهلك نفسك عليهم للحسرات على غيهم وإصرارهم على التكذيب، و بعده " إن الله عليم بما يصنعون " أي فيجازيهم عليه.
وقوله: " ولا تأس " من آية أخرى في المائدة وهي " يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التورية والإنجيل وما انزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما انزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين " (2).