تهبيجا: ورمه.
31 - ومنه: بإسناده عن محمد بن صالح، عن أبي العباس الدينوري، عن محمد ابن الحنفية قال: لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام البصرة بعد قتال أهل الجمل دعاه الأحنف بن قيس واتخذ له طعاما فبعث إليه صلوات الله عليه وإلى أصحابه فأقبل ثم قال: يا أحنف ادع لي أصحابي، فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوالي (1) فقال الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين ما هذا الذي نزل بهم؟ أمن قلة الطعام؟ أو من هول الحرب؟.
فقال صلوات الله عليه: لا يا أحنف إن الله سبحانه أجاب (2) أقواما تنسكوا له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة، من قبل أن يشاهدوها: فحملوا أنفسهم على مجهودها وكانوا إذا ذكروا صباح يوم العرض على الله سبحانه توهموا خروج عنق يخرج من النار يحشر الخلائق إلى ربهم تبارك وتعالى وكتاب يبدو فيه على رؤس الاشهاد فضايح ذنوبهم، فكادت أنفسهم تسيل سيلانا أو تطير قلوبهم بأجنحة الخوف طيرانا، وتفارقهم عقولهم إذا غلبت بهم مراجل المجرد (3) إلى الله سبحانه غليانا.
فكانوا يحنون حنين الواله في دجى الظلم، وكانوا يفجعون من خوف ما أو قفوا عليه أنفسهم، فمضوا ذبل الأجسام، حزينة قلوبهم، كالحة وجوههم، ذابلة شفاههم، خامصة بطونهم، تراهم سكارى سمار وحشة الليل متخشعون كأنهم شنان بوالي، قد أخلصوا لله أعمالا سرا وعلانية، فلم تأمن من فزعه قلوبهم. بل كانوا كمن حرسوا قباب خراجهم (4) فلو رأيتهم في ليلتهم وقد نامت العيون، وهدأت