البحار السيارة، تقول الخلائق: هلك هذا العبد، فلا يشكون أنه من الهالكين وفي عذاب الله من الخالدين، فيأتيه النداء من قبل الله تعالى: يا أيها العبد الجاني هذه الذنوب الموبقات فهل بإزائها حسنة تكافئها وتدخل الجنة برحمة الله، أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله، يقول العبد: لا أدري، فيقول منادي ربنا عز وجل: إن ربي يقول:
ناد في عرصات القيامة: ألا إن فلان بن فلان من بلد كذا وكذا وقرية كذا وكذا قد رهن بسيئاته كأمثال الجبال والبحار ولا حسنة بإزائها، فأي أهل هذا المحشر كانت لي عنده يد أو عارفة (1) فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدة حاجتي إليها فينادي الرجل بذلك، فأول من يجيبه علي بن أبي طالب: لبيك لبيك لبيك أيها الممتحن في محبتي، المظلوم بعداوتي، ثم يأتي هو ومن معه عدد كثير وجم غفير و إن كانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات فيقول ذلك العدد: يا أمير المؤمنين نحن إخوانه المؤمنون، كان بنا بارا ولنا مكرما، وفى معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعا، وقد نزلنا له عن جميع طاعاتنا وبذلناها له، فيقول علي عليه السلام: فبماذا تدخلون جنة ربكم؟ فيقولون: برحمة الله الواسعة التي لا يعدمها من والاك ووالى آلك يا أخا رسول الله، فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا أخا رسول الله هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له فأنت ماذا تبذل له؟ فإني أنا الحكم، ما بيني وبينه من الذنوب قد غفرتها له بموالاته إياك، وما بينه وبين عبادي من الظلامات فلا بد من فصلي بينه وبينهم، فيقول علي عليه السلام: يا رب أفعل ما تأمرني، فيقول الله:
يا علي اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله، فيضمن لهم علي عليه السلام ذلك ويقول لهم: اقترحوا علي (2) ما شئتم أعطكم عوضا من ظلاماتكم قبله، فيقولون: يا أخا رسول الله تجعل لنا بإزاء ظلامتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتتك على فراش محمد صلى الله عليه وآله، فيقول علي عليه السلام: قد وهبت ذلك لكم، فيقول الله عز وجل: فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه من علي، فداء لصاحبه من ظلاماتكم، ويظهر لهم ثواب