عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٣ - الصفحة ٦٠٢
لقتل الناس بعضهم بعضا ثم لم يكن شئ، وإنما القسامة نجاة الناس) (1).
(63) البينة في الحقوق كلها على المدعي واليمين على المدعى عليه الا في الدم خاصة فان رسول الله صلى الله عليه وآله بينا هو بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلا منهم، فوجدوه قتيلا، فقالت الأنصار: ان فلان اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للطالبين:
" أقيموا رجلين عدلين من غيركم، أقده برمته، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقده برمته " فقالوا يا رسول الله: ما عندنا شاهدان من غيرنا، وانا لنكره أن نقسم على ما لم نره، فوداه رسول الله صلى الله عليه وآله من عنده، وقال: " إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة ان يقتل به فكف عن قتله، والا حلف المدعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلناه ولا علمنا قاتلا، والا أغرموا الدية إذا وجد واقتيل بين أظهرهم إذا لم يقسم المدعون " (2) (3).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب القسامة، حديث: 1.
(2) الفروع: 7، كتاب الديات، باب القسامة، حيث: 4، وصدر الحديث:
(عن بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن القسامة؟ فقال: الخ).
(3) القسامة عند الفقهاء، كثرة الايمان وتعددها، واشتقاقها من القسم وهو الحلف وسميت بذلك لتكثر اليمين. وعند أهل اللغة القسامة أسماء الحالفين من أولياء المقتول عبر عنهم بالمصدر وأقيم مقامهم، وإنما يثبت مع اللوث، وهو امارة يغلب معها الظن بصدق المدعى، فأثبت الشارع دعوى المدعى إذا حلف خمسين يمينا، فيقتل المدعى عليه في العمد، وتؤخذ الدية في الخطأ، فقد أثبت الشارع هنا حق المدعى بيمينه من غير بينة. فقد خالفت القسامة وسائر الدعاوى في كون اليمين على المدعى أولا، وفى جواز حلف الانسان لاثبات حق غيره، وتعدد الايمان فيها، وان الحق لا يسقط بالنكول، بل ترد اليمين على الغير.
والرواية المذكورة دلت على أحكام (أ) مشروعية القسامة. (ب) الدلالة على علة شرعيتها (ج) ان اليهودي يقاد بحكم العبد. (د) ان الدعوى فيها يصح بمجرد التهمة ولا يحتاج فيها إلى التحقيق. (ه‍) القضاء بالنكول من المدعى إذا ردت عليه اليمين فنكل. (و) ان الشهادة مع التهمة لا تقبل، لأنه طلب الشاهدين من غيرهم. وأما الحكم بأدائه من ماله عليه السلام، فإنه تبرع منه صلى الله عليه وآله لكرم أخلاقه وعظم حرمة الأنصار عنده. وهذه الأحكام كلها لا خلاف فيها بين الأصحاب (معه).
(٦٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 597 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 ... » »»
الفهرست