عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٣ - الصفحة ٥٩٧
فأقيدوه فلما ذهبوا به ليقتلوه أقبل رجل مسرعا فقال: لا تعجلوا وردوه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فردوه فقال يا أمير المؤمنين والله ما هذا صاحبه، أنا قتلته، فقال أمير المؤمنين للأول: (ما حملك على الاقرار على نفسك؟) فقال: يا أمير المؤمنين وما كنت أستطيع أن أقول وقد شهد علي أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي السكين متلطخ بالدم والرجل متشحط في دمه وأنا قائم عليه، وخفت الضرب فأقررت، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة فأخذني البول، فدخلت الخربة، فرأيت الرجل متشحطا في دمه، فقمت متعجبا فدخل علي هؤلاء فأخذوني، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: (خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن عليه السلام وقولوا له ما الحكم فيهما؟) قال: فذهبوا إلى الحسين عليه السلام، وقصوا عليه قصتهم فقال الحسن عليه السلام: (قولوا لأمير المؤمنين: إن كان هذا ذبح ذلك فقد أحيى هذا وقال الله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا) فخلا عنهما وأخرج دية المذبوح من بيت المال) (1) (2).

(١) التهذيب: ١٠، كتاب الديات، باب البينات على القتل، حديث: 19.
(2) تشحط في دمه إذا كان دمه طريا. وقد استفيد من هذا الحديث أمور: (أ) انه يكفي في الاقرار بالقتل المرة الواحدة، لعدم ذكر تكرار اقراره في الرواية.
(ب) سقوط القصاص عن المقر مع رجوع الأول. (ج) وجوب الدية في بيت المال، ثم إنهم اختلفوا بعد اتفاقهم على صحة نقلها في أن هذه القضية، هل يجب تعديتها إلى نظائرها؟
قال جماعة: نعم، وبه أفتى المحقق لأنه قضاء شرعي وقع عن الأئمة عليهم السلام، فوجب اجراءه في نظائرها، كما في غيره من القضايا.
وقال جماعة: ان هذه قضية في واقعة، وقضايا الوقائع لا تعدى إلى نظائرها، لجواز اطلاعه عليه السلام فيما أوجب ذلك الحكم في تلك الواقعة، وبهذا أفتى أبو العباس في مهذبه وقال: فالآن لو وقعت مثل هذه القضية لم يجز للفقيه أن يحكم بمثل هذا الحكم، لجواز التواطئ من المقرين على قتل المسلم واسقاط القصاص والدية عنهما بحيلة الاقرارين، بل الحكم فيها تخيير الوالي من تصديق أيهما شاء، لان رجوع المقر غير مقبول، واقرار العاقل على نفسه مقبول، وهذا هو الأقوى عملا بالأحوط (معه).
(٥٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 ... » »»
الفهرست