السلوب ولو كان من أثبت لنفسه قدرة قدريا، لكان الله قدريا وقد رأيناهم يلهجون في كل واقعة بالقدر، ومن أكثر من شئ عرف به، كما جاء في الخبر.
وأما المعنى فلأن النبي صلى الله عليه وآله ذمهم ونهى عن مجالستهم وحكم بأنهم شهود الشيطان، وخصماء الرحمن، وجعل شبه المجوس فيهم، وهذه النعوت صادقة عليهم فالذم أحق بهم، لإضافتهم القبيح إلى ربهم.
وأما النهي عن مجالستهم فلما فيها من الاغراء بالمعاصي، حيث يقولون:
ما قدره الله كان، وما لم يقدره لم يكن، فلا وجه للتحفظ من المعصية، ويؤيسون جليسهم من رحمة الله، حيث يقررون له أن الله يعذب من غير ذنب وأنه خلق للنار خلقا لا تنفعهم الطاعات، وللجنة خلقا لا تضرهم المعصيات، فلا تسكن نفس بطاعة ولا تخاف بمعصية، وأساءوا الثناء على الله بنسبة كل ثناء إليه، وأحسنوا الثناء على العصاة بقولهم: لا حيلة لهم فيه.
وأما كونهم شهود الشيطان وخصماء الرحمن فإن الله إذ قال له: (ما منعك أن تسجد (1)) فيقول: قضاؤك، فيقول: هل من شاهد؟ فلا يجد غير أولئك.
وحكى الحاكم أنه كان بالبصرة نصراني فكتب أن الله فعل الكفر فيه، و منعه من الإيمان، وقضاه عليه، وأتى المجبر فأخذ خطوطهم ليشهدون له يوم القيامة والعدليون يسخرون منهم.
وأما شبه المجوس فإنهم يقولون: الإله القادر على الخير لا يقدر على الشر، وبالعكس، وهؤلاء يقولون: الكافر يقدر على الكفر لا الإيمان، و المؤمن بالعكس، والمجوس يمدحون ويذمون بما لا اختيار في فعله وتركه:
كما يحكون أنهم يرمون بالبقرة من شاهق، ويقولون: انزلي لا تنزلي!
فإذا وقعت قالوا: عصت وأكلوها وهؤلاء يقولون مثل ذلك، والكافر والمؤمن و المجوس علقوا المدح والذم بما لا يعقل، وهو الطبع، وهؤلاء علقوهما بما لا يعقل وهو الكسب، والمجوس ينكحون المحارم، ويقولون: أرادها الله منا، وهؤلاء