فلما حضرته الوفاة كان يقول مثل ما كان أبوك يقول وكان في حياته شاكا في دينه، وسنذكر طرفا منه في باب المجادلة.
وفي مسند ابن سليمان قال رجل للشعبي: إن عليا شهد للثاني بالجنة، فما تقول أنت؟ فقال: يبكي في خطيئته، وأنا أشهد له بالجنة؟.
وفي الحلية إن عمر قال: لو نادى منادي السماء أنكم داخلون الجنة إلا واحدا لخفت أن أكون هو.
وفي مواعظ الكرامي أنه قال عند احتضاره: ليتني كنت كبشا لأهلي فأكلوا لحمي، ومزقوا عظمي، ولم أرتكب إثمي، وهذا يدل على خروجه من الدنيا على غير يقين.
وأسند الحسين بن عبد الله إلى الحسن بن علي أنه قال عند موته: أتوب إلى الله من اغتصابي هذا الأمر أنا وأبو دور.
وفي الحديث الأول من أفراد البخاري من الجمع بين الصحيحين أن ابن عباس دخل عليه لما طعن وهو يتألم فقال: جزعي من أجلك وأجل صاحبك، والله لو أن لي تلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله، قبل أن أراه، ونحو هذا أحاديث أخر تأتي إن شاء الله.
ومنها: ما أسنده جعفر بن علي الخزاز إلى سعيد بن المسيب ومحمد بن علي البصري إلى أبي سعيد الخدري أنه كتب إلى معاوية عهدا يذم فيه الاسلام ومحمدا وجعله ساحرا ويقسم باللات والعزى ما جحدها منذ عبدها، ويشكرها أنها هي التي دلت عتيقا بحيلته، وشهادته بفضائله، وتسرعه إلى بيعته، وادعائه أن عليا سلم خلافته بعد أن جره إلى سقيفته، بحبل في عنقه، وأشاع القول ببيعته، وحلف أبو ذر أن عليا ما أجاب إلى بيعته، ولا واحد من عشيرته، ثم فمن يا معاوية فعل فعلي، واستشاد أحقاد أسالفه غيري.
وذكر له أنه إنما قلده الشام، ليتم له هذا المرام، وذكر ذلك في شعره (معاوي إن القوم ضلت حلومهم) إلى آخره.