الثلاثة الأخر، ثم أمر بقتلهم إن تأخروا عن البيعة فوق ثلاثة أيام، وكيف يستحقون القتل، وقد كلفوا اختيار الإمام، وربما طال زمان الاجتهاد بحسب تعارض الصلاح والفساد.
قالوا: أمر بقتلهم إن تأخروا على طريق شق العصا، وطلب الأمر من غير جهته قلنا: ذلك لا يوجب القتل، ولئن أوجبه لم يجز تأخيره ثلاثا ولله در القائل:
وما ترك النبي الناس شورى * بلا هاد ولا علم مقيم ولكن سول الشيطان أمرا * فأردى بالسواء وبالسئيم وقد كانت الشورى سبب اختلاف الآراء، وتشتيت الأهواء، كما ذكره أهل التواريخ، وصاحب العقد في المجلد الرابع عن معاوية بن أبي سفيان، فكان عمر سبب الاختلاف في منع النبي صلى الله عليه وآله من الكتاب أولا، وفي جعل الأمر شورى ثانيا.
ومنها: أنه لم يحكم على نفسه بل أخرجها من أولياء الله الذين هم ناجون ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ (1) فقد أسند الواقدي إلى ابن عباس أنه دخل عليه حين طعن، وقال: مضى النبي وهو عنك راض، فقال: المغرور من غررتموه، أما والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع، فأين هذا من قول علي: إني إلى لقاء ربي لمشتاق، ولحسن ثوابه لمنتظر، وإني لعلى صراط مستقيم من أمري، وبينة من ربي، وسنذكر شيئا من ذلك عند ذكر الصحيفة.
وقال ابن عمر لابن أبي بكر: اكتم علي ما أقول، إن أبي لما حضرته الوفاة بكى فقلت: مم؟ قال: آت عليا ليحلني وأردد عليه الأمر فلما جاء قال له ذلك قال: أجيبك على أن تشهد رجلين من الأنصار ورجلين من المهاجرين أنك وصاحبك ظلمتماني فحول أبي وجهه، فخرج علي فقلت: قد أجابك فأعرضت عنه؟ فقال: يا أحمق أراد أن لا يصلي علي أحد.