أنا لا نتفق أبدا ولا تصير ملتنا واحدة لتوهم متوهم ان ذلك مما لا يمكن على حال من الأحوال فأفاد بتعليقه له بالمشيئة هذا الوجه ويجري قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) مجرى قوله تعالى (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا).. وسادسها أن يكون المعنى إلا أن يشاء الله أن يمكنكم من إكراهنا ويخلي بينكم وبينه فنعود إلى إظهارها مكرهين ويقوى هذا الوجه قوله تعالى (أو لو كنا كارهين).. وسابعها أن يكون المعنى إلا أن يشاء الله أن يتعبدنا باظهار ملتكم مع الاكراه لان اظهار كلمة الكفر قد تحسن في بعض الأحوال إذا تعبد الله تعالى باظهارها وقوله (أو لو كنا كارهين) يقوي هذا الوجه أيضا.. فان قيل فكيف يجوز من نبي من أنبياء الله أن يتعبد باظهار الكفر وخلاف ما جاء به من الشرع.. قلنا يجوز أن يكون لم يرد بالاستثناء نفسه بل قومه فكأنه قال وما يكون لي ولا لامتي أن نعود فيها إلا أن يشاء الله أن يتعبد أمتي باظهار ملتكم على سبيل الاكراه وهو جائز غير ممتنع [تأويل خبر].. روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خير الصدقة ما أبقت غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول.. الجواب قد قيل في قوله خير الصدقة ما أبقت غنى قولان.. أحدهما ان خير ما تصدقت به ما فضل عن قوت عيالك وكفايتهم فإذا خرجت صدقتك عنك إلى من أعطيت خرجت عن استغناء منك ومن عيالك عنها ومثله في الحديث الآخر إنما الصدقة عن ظهر غنى.. وقال ابن عباس في قوله تعالى (ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو) قال ما فضل عن أهلك .. والجواب الآخر أن يكون أراد خير الصدقة ما أغنيت به من أعطيت عن المسألة أي تجزل له في العطية فيستغنى بها ويكف عن المسألة وذلك مثل أن يريد الرجل أن يتصدق بمائة درهم فيدفعها إلى رجل واحد محتاج فيستغنى بها ويكف عن المسألة فذلك أفضل من أن يدفعها إلى مائة رجل لا تبين عليهم.. والتأويل الأول يشهد له آخر الخبر وهو قوله وابدأ بمن تعول ويشهد له الحديث الآخر أيضا إنما الصدقة عن ظهر غني .. وقوله اليد العليا خير من اليد السفلى.. قال قوم يريدان اليد المعطية خير من الآخذة وقال آخرون ان العليا هي الآخذة والسفلى هي المعطية.. قال ابن قتيبة ولا أرى
(٦٦)