ما أحسن الغيرة في حينها * وأقبح الغيرة في غير حين من لم يزل متهما عرسه * مناصبا فيها لوهم الظنون يوشك أن يغريها بالذي * يخاف أو ينصبها للعيون حسبك من تحصينها ضمها * منك إلى خلق كريم ودين لا تظهرن منك على عورة * فيتبع المقرون حبل القرين (مجلس آخر 36) [تأويل آية]: إن سأل سائل عن قوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين) فقال هل يسوغ ما تأول بعضهم هذه الآية عليه من أن يوسف عليه السلام عزم على المعصية وأرادها وانه جلس مجلس الرجل من المرأة ثم انصرف عن ذلك بأن رأى صورة أبيه يعقوب عاضا على إصبعه متوعدا له على مواقعة المعصية أو بأن نودي له بالنهي والزجر في الحال على ما ورد به الحديث.. الجواب قلنا إذا ثبت بأدلة العقول التي لا يدخلها الاحتمال والمجاز ووجوه التأويلات ان المعاصي لا تجوز على الأنبياء عليهم السلام صرفنا كل ما ورد ظاهره بخلاف ذلك من كتاب أو سنة إلى ما يطابق الأدلة ويوافقها كما يفعل مثل ذلك فيما يرد ظاهره مخالفا لما تدل عليه العقول من صفاته تعالى وما يجوز عليه أو لا يجوز ولهذه الآية وجوه من التأويل كل واحد منها يقتضى براءة نبي الله من العزم على فاحشة وإرادة المعصية.. أولها ان الهم في ظاهر الآية متعلق بما لا يصح أن يعلق به العزم أو الإرادة على الحقيقة لأنه تعالى قال (ولقد همت به وهم بها) فعلق الهم بهما وذاتا هما لا يجوز أن يراد أو يعزم عليهما لان الموجود الباقي لا يصح ذلك فيه فلا بد من تقدير محذوف يتعلق العزم به وقد يمكن أن يكون ما تعلق به همه عليه السلام
(١٢٥)