والذي يبقى على ابن قتيبة أن يبين أن السبات هو الراحة والدعة ويستشهد على ذلك بشعر أو لغة فان البيت الذي ذكره يمكن أن يكون المراد به القطع دون التمدد والاسترسال.. فان قيل فما الفرق بين جواب ابن قتيبة وجوابكم الذي ذكرتموه أخيرا قلنا الفرق بينهما بين لان ابن قتيبة جعل السبات نفسه راحة وجعله عبارة عنها وأخذ يستشهد على ذلك بالتمدد وغيره ونحن جعلنا السبات من صفات النوم والراحة واقعة عنده للامتداد وطول السكون فيه فلا يلزمنا أن يقال سبت الرجل بمعنى استراح لان الشئ لا يسمى بما يقع عليه حقيقة والاستراحة تقع على جوابنا عند السبات وليس السبات إياها بعينها على أن في الجواب الذي اختاره ابن الأنباري ضربا من الكلام لان السبت وإن كان القطع على ما ذكره فلم يسمع فيه البناء الذي ذكره وهو السبات ويحتاج في اثبات مثل هذا البناء إلى سمع عن أهل اللغة وقد كان يجب أن يورد من أي وجه إذا كان السبت هو القطع جاز أن يقال سبات على هذا المعنى ولم نره فعل ذلك [تأويل خبر].. ان قال قائل ما تأويل الخبر الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الميت ليعذب ببكاء الحي عليه.. وفي رواية أخرى ان الميت يعذب في قبره بالنياحة عليه.. وقد روى هذا المعنى المغيرة بن شعبة أيضا فقال سمعت النبي صلى عليه وسلم يقول من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه.. الجواب أنا إذا كنا قد علمنا بأدلة العقل التي لا يدخلها الاحتمال ولا الاتساع والمجاز قبح من أخذه أحد بذنب غيره وعلمنا أيضا ذلك بأدلة السمع مثل قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) فلا بد أن نصرف ما ظاهره بخلاف هذه الأدلة إلى ما يطابقها.. والمعنى في الأخبار التي سئلنا عنها ان صحت روايتها انه إذا أوصى موص بان يناح عليه ففعل ذلك بأمره وعن إذنه فإنه يعذب بالنياحة عليه وليس معنى يعذب بها انه يؤاخذ بفعل النواح وإنما معناه أن يؤاخذ بأمره بها ووصيته بفعلها وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك لان الجاهلية كانوا يرون البكاء عليهم والنوح فيأمرون به ويؤكدون الوصية بفعله وهذا مشهور عنهم.. قال طرفة بن العبد
(١٧)