[قال المرتضي] رضي الله عنه وأول من سبق إلى هذا المعنى فأحسن الأعشى في قوله عهدي بها في الحي قد درعت * صفراء مثل المهرة الضامر لو أسندت ميتا إلى نحرها * عاش ولم ينقل إلى قابر حتى يقول الناس مما رأوا * واعجبا للميت الناشر ومعنى - الناشر - المنشور يقال أنشر الله الميت فنشر وهو ناشر بمعنى منشور مثل ماء دافق فهو مدفوق.. وقال بعض أصحاب المعاني ان الجارية التي وصفها أيضا هي ميتة بمعنى أنها ستموت فيكون المعنى ان الناس عجبوا من أن يكون من يموت كيف ينشر الموتى ومن قال هذا أجاز نشر الله الموتى بمعنى أنشر والقول الأول أظهر وما نظن الأعشى عنى غيره (مجلس آخر 34) [تأويل آية].. ان سأل سائل عن قوله تعالى حاكيا عن يوسف عليه السلام (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين).. فقال لم خص اليوم بالقول وإنما أراد العفو عنهم في جميع مستقبل أوقاتهم.. الجواب قلنا في هذه الآية وجوه أربعة.. أولها انه لما كان هذا الوقت الذي أشار إليه هو أول أوقاته التي كشف فيها نفسه لهم وأطلعهم على ما كان يستره عنهم من أمره أشار إلى الوقت الذي لو أراد الانتقام لأبتدأ به فيه والذي عفى فيه عنهم لم يراجع الانتقام.. وثانيها أن يوسف عليه السلام لما قدم توبيخهم وعدد عليهم قبيح ما فعلوه وعظيم ما ارتكبوه وهو مع ذلك يستر عنهم نفسه ولا يفصح لهم بحاله قال لهم عند تبين أمرهم (لا تثريب عليكم اليوم) أي قد انقطع عنكم توبيخي ومضى عذلي ولأئمتي عند اعترافكم بالذنب وكان ذكر اليوم دلالة على انقطاع المعاقبة والتوبيخ وعلى أن الأوقات المتصلة باليوم تجري مجراه في زوال الغضب وتمام
(١٠٥)