الجنة فيعبرون بالباء عن معنى في كذلك أيضا يصح أن يعبروا بفي عن الباء.. قال الشاعر وأرغب فيها عن لقيط ورهطه * ولكنني عن سنبس لست أرغب أراد وارغب بها فحمل في علي الباء.. وسادسها وهو جواب اختاره أبو مسلم بن بحر وزعم أنه أولى من غيره قال المضمرون في قوله أيديهم الرسل وكذلك المضمرون في أفواههم والمراد باليد ههنا ما نطق به الرسل من الحجج والبينات التي ذكر الله تعالى انهم جاءوا بها قومهم واليد في كلام العرب قد تقع على النعمة وعلى السلطان أيضا وعلى الملك وعلى العهد والعقد ولكل ذلك شاهد من كلامهم والذي أتى به الأنبياء قومهم هو الحجة والسلطان وهو النعمة وهو العهد وكل ذلك يقع على اسم اليد ولما كان ما تعظ به الأنبياء قومهم وينذرونهم به إنما يخرج من أفواههم فردوه وكذبوه قيل إنهم ردوا أيديهم في أفواههم أي انهم ردوا القول من حيث جاء قال ولا يجوز أن يكون الضمير في ذلك للرسل إليهم كما تأوله بعض المفسرين وذكر ان معناه انهم عضوا عليهم أناملهم غيظا لأن رافع يده إلى فيه والعاض عليها لا يسمى رادا ليده إلي فيه إلا إذا كانت يده في فيه فيخرجها ثم يردها.. [قال المرتضى] رضي الله عنه وليس ما استنكره أبو مسلم من رد الأيدي إلى الأفواه بمستنكر ولا بعيد لأنه قد يقال رد يده إلى فيه والى وجهه وعاد فلان يقول كذا ورجع يفعل كذا وان لم يتقدم ذلك الفعل منه ولو لم يسغ هذا القول تحقيقا لساغ تجوزا واتساعا وليس يجب أن تؤخذ العرب بالتحقيق في كلامها فان تجوزها واستعاراتها أكثر على أنه يمكن أن يكون المراد بذلك انهم فعلوا ذلك الفعل شيئا بعد شئ وتكرر منهم فلهذا جاز أن يقول ردوا أيديهم في أفواههم لأنه قد تقدم منهم مثل هذا الفعل فلما تكرر جازت العبارة عنه بالرد وهذا يبطل استضعافه للجواب إذا صرنا إلى مراده [تأويل خبر].. روى أن مسلما الخزاعي ثم المصطلقي قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أنشده منشد قول سويد بن عامر المصطلقي لا تأمنن وإن أمسيت في حرم * إن المنايا توافي كل إنسان
(٣٦)