وغازل الشمس نور ظل يلحظها * بعين مستعبر بالدمع ضحاك وروى عن أبي العباس المبرد أنه قال أخذ ابن مطير.. تضحك الأرض من بكاء السماء من قول دكين الزاجر * جن النبات في ذراها وزكى وضحك المزن به حتى بكى * (مجلس آخر 33) [تأويل آية].. إن سأل سائل عن قوله تعالى (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب).. الجواب قلنا قد ذكر وجهان مطابقان للحق.. أحدهما أن يكون الراسخون في العلم معطوف على اسم الله تعالى فكأنه قال وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم وانهم مع علمهم به يقولون آمنا به فوقع قوله يقولون آمنا به في موقع الحال والمعنى أنهم يعلمونه قائلين آمنا به كل من عند ربنا وهذا في غاية المدح لهم لأنهم إذا علموا ذلك بقلوبهم وأظهروا التصديق به على ألسنتهم فقد تكاملت مدحتهم ووصفهم بأداء الواجب عليهم.. والحجة لمن ذهب إلى ما بيناه والرد على من استبعد عطفه على الأول وتقديره أن يكون قوله يقولون آمنا بالله على هذا التأويل لا ابتداء له مثل قوله (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى) إلى قوله (شديد العقاب) فذكر جملة ثم تلاها بالتفصيل وتسمية من يستحق هذ الفئ فقال (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا) إلي قوله الصادقون وقال فما الذين تبوءوا الدار والايمان فهم الأنصار يحبون من هاجر إليهم ويؤثرون على أنفسهم وقال فيمن جاء بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان فهذه الآيات تدل على أنه لا ينكر في آية الراسخون في العلم أن يكون قوله يقولون آمنا به حالا مع العلم بتأويل
(٩٤)