إلى قبيلتين من الجن أو إلى شياطين الجن والإنس فتحسن التثنية لهذا.. وقد روى هذا التأويل الأخير في حمل ما على النفي عن ابن عباس وغيره من المفسرين.. وروى عنه أيضا انه كان يقرأ وما أنزل على الملكين بكسر اللام ويقول متى كان العلجان ملكين بل كانا ملكين.. وعلى هذه القراءة في الآية وجه آخر وان لم يحمل قوله وما أنزل على الملكين على الجحد والنفي وهو أن يكون هؤلاء الذين أخبر عنهم اتبعوا ما تتلو الشياطين وتدعيه على ملك سليمان واتبعوا ما أنزل على هذين الملكين من السحر ولا يكون الانزال مضافا إلى الله تعالى وان أطلق لأنه جل وعز لا ينزل السحر بل يكون منزله إليهما بعض الضلال العصاة ويكون معنى أنزل وإن كان من الأرض حمل إليهما لا من السماء انه أتي به من نجود البلاد وأعاليها فان من هبط من نجد البلاد إلى غورها يقال نزل وهبط وما جرى هذا المجرى.. فأما قوله تعالى (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) فيحتمل وجوها.. منها أن يريد بالاذن العلم من قولهم أذنت فلانا بكذا إذا أعلمته وأذنت لكذا إذا سمعته وعلمته.. قال الشاعر في سماع يأذن الشيخ له وحديث مثل ماذي مشار (1) .. ومنها أن تكون إلا زائدة فيكون المعنى وما هم بضارين به من أحد بإذن الله ويجرى مجرى قول أحدنا لقيت زيدا إلا أني أكرمته أي لقيت زيدا فأكرمته.. ومنها أن يكون أراد بالاذن التخلية وترك المنع فكأنه أفاد بذلك ان العباد لن يعجزوه وما هم بضارين أحدا إلا بأن يخلي الله تعالى بينهم وبينه ولو شاء لمنعهم بالقهر والقسر زائدا على منعهم بالزجر والنهي.. ومنها أن يكون الضرر الذي عنى انه لا يكون إلا باذنه وأضافه إليه هو ما يلحق المسحور من الأدوية والأغذية التي تطعمه إياها السحرة ويدعون أنها موجبة لما يقصدونه فيه من الأمور ومعلوم ان الضرر الحاصل عن ذلك من فعل
(٨١)