.. ولإبراهيم دنت بأناس عن تناء زيارة * وشط بليلي عن دنو مزارها وإن مقيمات بمنقطع اللوى * لأقرب من ليلى وهاتيك دارها وأخذ ذلك من قول النظار الفقعسي يقولون هذي أم عمرو قريبة * دنت بك أرض نحوها وسماء ألا إنما بعد الحبيب وقربه * إذا هو لم يوصل إليه سواء ووجدت بعض أهل الأدب يظن أن إبراهيم بن العباس سبق إلى هذا المعنى في قوله كن كيف شئت وأني تشا * وأبرق يمينا وأرعد شمالا نجابك لؤمك منجي الذباب * حمته مقاذيره أن ينالا حتى رأيت مسلم بن الوليد قد سبق إلى هذا المعنى فأحسن غاية الاحسان فقال أما الهجاء فدق عرضك دونه * والمدح عنك كما علمت جليل فاذهب فأنت طليق عرضك إنه * عرض عززت به وأنت ذليل (مجلس آخر 37) [تأويل آية].. إن سأل سائل عن قوله تعالى حاكيا عن يوسف عليه السلام (قال رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين).. فقال إذا كانت المحبة عندكم هي الإرادة فهذا تصريح من يوسف عليه السلام بإرادة المعصية لأن حبسه في السجن وقطعه عن التصرف معصية من فاعله وقبيح من المقدم عليه وهو في القبح يجرى مجرى ما دعى إليه من الزنا وقوله من بعد (وإلا تصرف عني كيدهن) يدل على أن امتناعه من القبيح مشروط بمنعهن وصرفهن عن كيده وهذا بخلاف مذهبكم لأنكم تذهبون إلى أن ذلك لا يقع منه صرف النسوة
(١٣٣)