الأمالي - السيد المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٤٤
باقية لما دل عليه الدليل من اختصاص مقدور القدر باستحالة العود إليها من حيث لم يجر فيها التقديم والتأخير وهذا أيضا حكمه تعالى المتفرد به دون غيره من سائر القادرين والله أعلم بما أراد (مجلس آخر 28) [تأويل آية].. ان سأل سائل عن قوله تعالى (ليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها) فقال أي معنى لذكر البيوت وظهورها وأبوابها وهل المراد بذلك البيوت المسكونة على الحقيقة أو كنى بهذه اللفظة عن غيرها فإن كان الأول فما الفائدة في إتيانها من أبوابها دون ظهورها وإن كانت كناية فبينوا وجهها ومعناها.. الجواب قيل له في الآية وجوه.. أولها ما ذكر من أن الرجل من العرب كان إذا قصد حاجة فلم تقض له ولم ينجح فيها رجع فدخل من مؤخر البيت ولم يدخل من بابه تطيرا فدلهم الله تعالى على أن هذا من فعلهم لا بر فيه وأمرهم من التقى بما ينفعهم ويقربهم إليه وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التطير وقال لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر أي لا يعدى شئ شيئا.. وقال عليه الصلاة والسلام لا يورد ذو عاهة على مصح ومعنى هذا الكلام ان من لحقت إبله آفة أو مرض فلا ينبغي أن يوردها على إبل لغيره صحاح لأنه متى يلحق الصحاح مثل هذه العاهة اتفاقا لا لأجل العدوي ولم يؤمن من صاحب الصحاح أن يقول إنما لحق إبلي هذه الآفة من تلك الإبل وهي أعدت إبلي فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا ليزول المأثم بين الفريقين والظن القبيح.. وثانيها ان العرب (1) إلا قريشا ومن ولدته

(1) قوله إن العرب الا قريشا الخ قلت ليس كذلك وإنما الذين كانوا يتحامون دخول البيوت من أبوابها وهم محرمون الأحامس وهم قريش وكنانة وجديلة ومن تابعهم في الجاهلية وإنما سموا بذلك لتحمسهم في دينهم أي تشددهم وقد صح ان النبي صلى الله عليه وسلم أقبل ليدخل بيت بعض نسائه وهو محرم ومعه بعض أصحابه فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم تأخر الرجل فقاله له عليه الصلاة والسلام مالك لا تدخل فقال أنا أحمسي فقال وأنا كذلك فنسخ بفعله وقوله ما كانت عليه قريش ومن أخذ مأخذها
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست