سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئسما ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون).. فقال كيف ينزل الله تعالى السحر على الملائكة أم كيف تعلم الملائكة الناس السحر والتفريق بين المرء وزوجه وكيف نسب الضرر الواقع عند ذلك إلى أنه باذنه وهو تعالى قد نهى عنه وحذر من فعله وكيف أثبت العلم لهم ونفاه عنهم بقوله (ولقد علموا لمن اشتراه) ثم قوله (لو كانوا يعلمون) .. الجواب قلنا في الآية وجوه كل منها يزيل الشبهة الداخلة على من لا ينعم النظر فيها .. أولها أن يكون ما في قوله (وما أنزل على الملكين) بمعنى الذي فكأنه تعالى أخبر عن طائفة من أهل الكتاب بأنهم اتبعوا ما تكذب به الشياطين على ملك سليمان وتضيفه إليه من السحر فبرأه الله تعالى من قذفهم وأكذبهم في قولهم فقال وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا باستعمال السحر والتمويه على الناس ثم قال يعلمون الناس السحر وما أنزل عل الملكين وأراد انهم يعلمونهم السحر والذي أنزل على الملكين وما أنزل على الملكين وصف السحر وماهيته وكيفية الاحتيال فيه ليعرفا ذلك ويعرفاه للناس فيجتنبوه ويحذروا منه كما أنه تعالى قد أعلمنا ضروب المعاصي ووصف لنا أعمال القبائح لنجتنبها لا لنواقعها لأن الشياطين كانوا إذا علموا ذلك وعرفوه استعملوه واقدموا على فعله وإن كان غيرهم من المؤمنين لما عرفه اجتنبه وحاذره وانتفع باطلاعه على كيفيته ثم قال وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة يعنى الملكين ومعنى يعلمان يعلمان والعرب تستعمل لفظة علمه بمعني أعلمه.. قال القطامي تعلم أن بعد الغي رشدا * وأن لشابك الغير انقشاعا .. وقال كعب بن زهير تعلم رسول الله أنك مدركي * وأن وعيدا منك كالأخذ باليد
(٧٧)