والقارظان لا يووبان أبدا وكليب لا ينشر أبدا فكأنه قال إن هذا لا يكون أبدا.. وثالثها ما ذكره قطرب بن المستنير من أن في الكلام تقديما وتأخيرا وان الاستثناء من الكفار وقع لا من شعيب فكأنه تعالى قال حاكيا عن الكفار (لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا إلا أن يشاء الله أن تعودوا في ملتنا) ثم قال حاكيا عن شعيب عليه الصلاة والسلام وما يكون لنا أن نعود فيها على كل حال.. ورابعها أن تكون الهاء التي في قوله فيها إلى القرية لا إلى الملة لأن ذكر القرية قد تقدم كما تقدم ذكر الملة ويكون تلخيص الكلام إنا سنخرج من قريتكم ولا نعود فيها إلا أن يشاء الله بما ينجزه لنا من الوعد في الاظهار عليكم والظفر بكم فنعود إليها.. وخامسها أن يكون المعنى إلا أن يشاء الله أن يردكم إلى الحق فنكون جميعا على ملة واحدة غير مختلفة لأنه لما قال تعالى حاكيا عنهم أو لتعودن في ملتنا كان معناه أو لنكونن على ملة واحدة غير مختلفة فحسن أن يكون من بعد إلا أن يشاء الله أن يجمعكم معنا على ملة واحدة.. فان قيل الاستثناء بالمشيئة إنما كان بعد قوله (وما يكون لنا أن نعود فيها) فكأنه قال ليس نعود فيها إلا أن يشاء الله فكيف يصح هذا الجواب.. قلنا هو كذلك إلا أنه لما كان معنى أن نعود فيها هو أن تصير ملتنا واحدة غير مختلفة جاز أن يوقع الاستثناء على المعنى فيقول إلا أن يشاء الله أن نتفق في الملة بان ترجعوا أنتم إلى الحق.. فان قيل فكان الله تعالى ما شاء أن ترجع الكفار إلى الحق.. قلنا بلى قد شاء ذلك إلا أنه ما شاءه على كل حال بل من وجه دون وجه وهو أن يؤمنوا ويصيروا إلى الحق مختارين ليستحقوا الثواب الذي أجرى بالتكليف إليه ولو شاءه على كل حال لما جاز أن لا يقع منهم فكان شعيبا عليه الصلاة والسلام قال إن ملتنا لا تكون واحدة أبدا الا أن يشاء الله أن يلجئكم إلى الاجتماع معنا على ديننا وموافقتنا في ملتنا والفائدة في ذلك واضحة لأنه لو أطاق
(٦٥)