خطره والمعنى انه لو كتب في إهاب وألقى في النار وكانت النار مما لا تحرق شيئا لعلو شأنه وجلالة قدره لم تحرقه النار.. ولهذا نظائر في القرآن وكلام العرب وأمثالهم كثيرة ظاهرة على من له أدنى أنس بمذاهبهم وتصرف كلامهم فمن ذلك قوله تعالى (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) ومعنى الكلام إنا لو أنزلنا القرآن على جبل وكان الجبل مما يتصدع إشفاقا من شئ أو خشية لأمر لتصدع مع صلابته وقوته فكيف بكم معاشر المكلفين مع ضعفكم وقلتكم فأنتم أولى بالخشية والاشفاق وقد صرح الله تعالى بان الكلام خرج مخرج المثل بقوله تعالى (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) ومثله قوله تعالى (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا) .. ومثله قول الشاعر أما وجلال الله لو تذكرينني * كذكراك ما نهنهت للعين مدمعا فقالت بلى والله ذكرا لو أنه * تضمنه صم الصفا لتصدعا .. ومثله فلو أن ما بي بالحصى فلق الحصى * وبالريح لم يسمع لهن هبوب .. ومثله وقفت علي ربع لمية ناقتي * فما زلت أبكي عنده وأخاطبه وأسقيه حتى كاد مما أبثه * تكلمني أحجاره وملاعبه وهذه طريقة للعرب مشهورة في المبالغة يقولون هذا كلام يفلق الصخر ويهد الجبال ويصرع الطير ويستنزل الوعول وليس ذلك بكذب منهم بل المعنى انه لحسنه وحلاوته وبلاغته يفعل مثل هذه الأمور لو تأتت ولو كانت مما يسهل ويتيسر لشئ من الأشياء لتسهلت به من أجله.. فأما الجواب الأول المحكى عن ابن قتيبة فالذي يفسده زائدا على ما رده ابن الأنباري انه لو كان الأمر على ما ذكره ابن قتيبة وحكاه عن الأصمعي
(٨٥)