الحق واستشهد بقول الله عز وجل (إنك لا تسمع الموتى) وأهل القليب جماعة من قريش منهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة وغيرهم.. وروى عن عبد الله ابن مسعود أنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قائما يصلي بمكة وأناس من قريش في حلقة فيهم أبو جهل بن هشام فقال ما يمنع أحدكم أن يأتي الجزور التي نحرها آل فلان فيأخذ سلاها ثم يأتي به حتى إذا سجد وضعه على ظهره قال عبد الله فانبعث أشقى القوم وأنا أنظر إليه فجاء به حتى وضعه على ظهره قال عبد الله لو كانت لي يومئذ منعة لمنعته وجاءت فاطمة رضوان الله عليها عليه وهي يومئذ صبية حتى أماطته عن ظهر أبيها ثم جاءت حتى قامت على رؤسهم فأوسعتهم شتما قال فوالله لقد رأيت بعضهم يضحك حتى أنه ليطرح نفسه على صاحبه من الضحك فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على القوم فقال اللهم عليك بفلان وفلان فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا عليهم أسقط في أيديهم قال فوالله الذي لا إله غيره ما سمى النبي صلى الله عليه وسلم أحدا إلا وقدر رأيته يوم بدر وقد أخذ برجله يجر إلى القليب مقتولا وقوله - فيأخذ سلاها - أي جلدتها التي فيها ولدها ما دام في بطنها والجمع الأسلاء.. وقال ابن حبيب الأسلاء التي فيها الأولاد.. قال الأخطل ويطرحن بالثغر السخال كأنما * يشققن بالأسلاء أردية العصب .. وقال الشماخ والعيس دامية المناسم ضمر * يقذفن بالأسلاء تحت الأركب .. قال الفراء سقط في أيديهم من الندامة وأسقط لغتان وهو بغير ألف أكثر وأجود .. ويمكن أن يكون في قوله يعذب ببكاء أهله وجه آخر وهو أن يكون المعنى ان الله تعالى إذا أعلمه ببكاء أهله وأعزته عليه وما لحقهم بعده من الحزن والهم تألم بذلك فكان عذابا له والعذاب ليس بجار مجرى العقاب الذي لا يكون إلا على ذنب متقدم بل قد يستعمل كثيرا بحيث يستعمل الألم والضرر ألا ترى ان القائل قد يقول لمن ابتدأه بالضرر والألم قد عذبتني بكذا وكذا كما يقول أضررت بي وآلمتني وإنما لم يستعمل
(١٩)