أعوذ بالله من أمر يزين لي * شتم العشيرة أو يدني من العار وخير دنيا ينسي المرء آخرة * وسوف تبدو إلي الجبار أسراري لا أدخل البيت أحبو من مؤخره * ولا أكسر في ابن العم أظفاري فقوله - لا أدخل البيت أحبو من مؤخره - يحتمل أن يريد به إنني لا آتي الأمور من غير وجهها على أحد الأجوبة في الآية.. ويحتمل أيضا إني لا أطلب الخير إلا من أهله على جواب أبي عبيدة.. ويحتمل وجها آخر وهو أن يريد إنني لا أقصد البيت للريبة والفساد لأن من شأن من يسعي إلى أفساد الحرم ويقصد البيوت للريبة أن يعدل عن أبوابها طلبا لاخفاء أمره فكأنه نفى عن نفسه بهذا القول القبيح وتنزه عنه كما تنزه بقوله - ولا أكسر في ابن العم أظفاري - عن مثله وأراد انه لا يبدأ ابن العم مني السوء ولا يتألم بشئ من جهتي فأكون كأنني قد جرحته بأظفاري وكسرتها في لحمه وهذه كنايات بليغة مشهورة للعرب.. ويجرى مجرى هذه الأبيات ويقاربها في المعني وحسن الكناية قول هلال بن خثعم وإني لعف عن زيارة جارتي * وإني لمشنوء إلي اغتيابها إذا غاب عنها بعلها لم أكن لها * زؤرا ولم تنبح علي كلابها وما أنا بالداري أحاديث بيتها * ولا عالما من أي حوك ثيابها وأن قراب البطن يكفيك مللأه * ويكفيك عورات الأمور اجتنابها قال المرتضى] رضي الله عنه وقد جمعت هذه الأبيات فقرا عجيبة وكنايات بليغة لأنه نفى عن نفسه زيارة جارته عند غيبة بعلها وخص حال الغيبة لأنها أدنى إلى الريبة وأخص بالتهمة فقال - ولم تنبح على كلابها - أراد إني لا أطرقها ليلا مستخفيا متنكرا فتنكرني كلابها وتنبحني وهذه الكناية تجرى مجرى قول الشاعر المتقدم.. لا أدخل البيت أحبو من مؤخره وقد روى ولم تأنس إلى كلابها وهذا معني آخر كأنه أراد انه ليس يكثر الطروق لها والغشيان لمنزلها فتأنس به كلابها لأن الانس لا يكون إلا
(٤٦)