والعدول عن ارشادهم والأمم السالفة وان لم يغشهم الهلاك والعذاب من قبل البحر فقد غشيهم عذاب واهلاك استحقوهما بكفرهم وتكذيبهم أنبياءهم فشبه بينه وبين هؤلاء من حيث اشتمال العذاب على جميعهم عقوبة على التكذيب.. ورابعها أن يكون المعنى فغشيهم من قبل اليم ما غشيهم من العطب والهلاك فتكون لفظة غشيهم الأولى للبحر والثانية للهلاك والعطب اللذين لحقاهم من قبل البحر.. ويمكن في الآية وجه آخر لم يذكر فيها وهو واضح يليق بمذاهب العرب في استعمال مثل هذا اللفظ وهو أن تكون الفائدة في قوله تعالى (ما غشيهم) تعظيم الأمر وتفخيمه كما يقول القائل فعل فلان ما فعل وأقدم على ما أقدم إذا أراد التفخيم وكما قال تعالى (وفعلت فعلتك التي فعلت) وما يجري هذا المجرى ويدخل في هذا الباب قولهم للرجل هذا هذا وأنت أنت وفي القوم هم هم.. قال الهذلي رقوني وقالوا يا خويلد لا ترع * فقلت وأنكرت الوجوه هم هم .. وقال أبو النجم أنا أبو النجم وشعري شعري * كل ذلك أرادوا تعظيم الأمر وتكبيره (مجلس آخر 27) [تأويل آية].. ان سأل سائل عن قوله تعالى (فخر عليهم السقف من فوقهم) فقال ما الفائدة في قوله من فوقهم يفيده قوله فخر عليهم السقف لان مع الاقتصار على القول الأول لا يذهب وهم أحد إلى أن السقف يخر من تحتهم.. الجواب قيل له في ذلك أجوبة.. أولها أن يكون من بمعنى عن فيكون المعنى فخر عنهم السقف من فوقهم أي خر عن كفرهم وجحودهم بالله تعالى وآياته كما يقول القائل اشتكى فلان عن دواء شربه فيكون من وعن بمعني واحد أي من أجل الدواء وكذلك يكون معنى الآية
(٢٤)