مجراهما عن مستحقه وهذا مما لا يجوز أن يكونوا مخلوقين له على مذهبكم لأنه لو خلقهم للعفو لما حسن منه عقاب المذنبين ومؤاخذة المستحقين.. الجواب يقال له أما قوله تعالى ولو شاء ربك فإنما عني بها المشيئة التي ينضم إليها الالجاء ولم يعن المشيئة على سبيل الاختيار وإنما أراد تعالى أن يخبرنا عن قدرته وانه لا يغالب ولا يعصي مقهورا من حيث كان قادرا على العباد واكراههم على ما أراد منهم.. فاما لفظة ذلك في الآية فحملها على الرحمة أولى من حملها على الاختلاف (1) بدليل العقل وشهادة اللفظ.. فاما دليل العقل فمن حيث علمنا أنه تعالى كره الاختلاف والذهاب عن الدين ونهى عنه وتوعد عليه فكيف يجوز أن يكون شائيا له ومخبرا بخلق العباد عليه.. وأما شهادة اللفظ فلأن الرحمة أقرب إلى هذه الكناية من الاختلاف وحمل اللفظ على أقرب المذكورين إليها أولى في لسان العرب.. فاما ما طعن به السائل وتعلق به من تذكير الكناية وان الكناية عن الرحمة لا تكون الا مؤنثة فباطل لان تأنيث الرحمة غير حقيقي وإذا كنى عنها بلفظة التذكير كانت الكناية على المعني لان معناها هو الفضل والانعام كما قالوا سرني كلمتك يريدون سرني كلامك وقال تعالى (هذا رحمة من ربي) ولم يقل هذه وإنما أراد هذا فضل من ربي.. وقالت الخنساء فذلك يا هند الرزية فاعلمي * ونيران حرب حين شب وقودها أرادت الرزء.. وقال امرؤ القيس
(٥٠)