وحدثني أصحابه أن مالكا * خفيف على الحداث غير ثقيل وحدثني أصحابه أن مالكا * جواد بما في الرحل غير بخيل وحدثني أصحابه أن مالكا * صروم كماضي الشفرتين صقيل وهذا المعنى أكثر من أن نحصيه وهذا هو الجواب عن التكرار في سورة المرسلات بقوله عز وجل (ويل يومئذ للمكذبين).. فان قيل إذا كان الذي حسن التكرار في سورة الرحمن ما عدده من الآيات ومن نعمه فقد عدد في جملة ذلك ما ليس بنعمة وهو قوله (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران) وقوله (هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن).. فكيف يحسن أن يقول بعقب هذا (فبأي آلاء ربكما تكذبان) وليس هذا من الآلاء والنعم.. قلنا الوجه في ذلك أن فعل العقاب وان لم يكن نعمة فذكره ووصفه والانذار به من أكبر النعم لأن في ذلك زجرا عن ما يستحق به العقاب وبعثا على ما يستحق به الثواب فإنما أشار تعالى بقوله فبأي آلاء ربكما تكذبان بعد ذكر جهنم والعذاب فيها إلى نعمة يوصفها والانذار بعقابها وهذا مما لا شبهة في كونه نعمة [قال المرتضى رضي الله عنه].. وكما أنه في الجاهلية وقبل الاسلام وفي ابتدائه قوم يقولون بالدهر وينفون الصانع وآخرون مشركون يعبدون غير خالقهم ويستنزلون الرزق من غير رازقهم أخبر الله عنهم في كتابه وضرب لهم الأمثال وكرر عليهم البينات والاعلام فقد نشأ بعد هؤلاء جماعة ممن يتستر باظهار الاسلام ويحقن باظهار شعائره والدخول في جملة أهله دمه وماله زنادقة ملحدون وكفار مشركون فمنعهم عز الاسلام عن المظاهرة وألجأهم خوف القتل إلى المساترة وبلية هؤلاء على الاسلام وأهله أعظم وأغلظ لأنهم يدغلون في الدين ويموهون على المستضعفين بجاش رابط ورأي جامع فعل من قد أمن الوحشة ووثق بالأنسة بما يظهره من لباس الدين الذي هو منه على الحقيقة عار وبأثوابه غير متوار.. كما حكى ان عبد الكريم بن أبي العوجا قال لما قبض عليه محمد بن سليمان وهو والي الكوفة من قبل المنصور وأحضره للقتل وأيقن
(٨٨)