عباده وبين الظلم فلا يجوز أن يتعلق إلا بأمر واجب والتفضل لفاعله أن لا يفعله فتؤول الحال إلى تعذر الانتصاف.. وقالوا من يعلم الله انه يرد القيامة ولا أعواض له يمنعه من الظلم ولا يمكنه منه لهذه العلة ويجيزون أن يمكن من الظلم من يكون في الحال غير مستحق للعوض أو غير مستحق للقدر الذي يوازي الظلم من العوض بعد أن يكون المعلوم من حاله انه يرد القيامة وقد يستحق من الأعواض ما يوازي ما عليه منها.. [قال الشريف المرتضى] رضي الله عنه وهذا القول يعني تجويز تمكين الظالم من الظلم وهو في الحال غير مستحق للعوض يبطل بالعلة التي أبطلنا بها قول من أجاز الانتصاف بالتفضل لأنا نعلم أن تبقية المكلف لا تجب وللقديم تعالى أن لا يفعلها فلو لم يفعلها واخترم هذا الظالم بعد حال ظلمه لكان الانتصاف منه غير ممكن وقد تعلق الانتصاف على هذا القول بما ليس بواجب كما علقه من قدمنا حكاية قوله بما ليس بواجب وليس لهم أن يقولوا ذلك يحسن لأن الله تعالى يعلم أنه يبقيه فيستحق أعواضا لأن عليهم مثل ذلك إذا قيل لهم فأجيزوا أيضا أن يرد القيامة وهو لا يستحق العوض ويعلم الله انه يتفضل عليه بما يقع به الانتصاف فإذا قالوا علم الله بأنه يتفضل لا يخرج التفضل من أن يكون غير واجب قيل لهم وعلم الله بأنه يبقى من لا عوض له ليستحق العوض لا يخرج التبقية عن أن تكون غير واجبة فاستوى الأمران والصحيح أن يقال إنه تعالى لا يمكن من الظلم من لا عوض له في الحال ليستقيم الكلام ويطرد (مجلس آخر 2) [تأويل آية].. قال الله تعالى * (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) *.. وقد ظن قوم من غفلة الملحدة وجها لهم أن الجواب عما سئل عنه في هذه الآية لم يحصل وان الامتناع منه إنما هو لفقد العلم به وان قوله تعالى * (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) * تبكيت وتقريع لم يقعا موقعهما وإنما هو على سبيل المحاجزة والمدافعة عن الجواب.. وفي هذه الآية وجوه من التأويل تبطل ما ظنوه وتدل
(٨)