ما له مما للرجال قليل ولا كثير فغمدت السيف ورجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال الحمد لله الذي يصرف عنا أهل البيت.. [قال المرتضى] رضي الله عنه في هذا الخبر أحكام وغريب ونحن نبدأ بأحكامه ثم نتلوه بغريبه.. فأول ما فيه أن لقائل أن يقول كيف يجوز أن يأمر الرسول بقتل رجل على التهمة بغير بينة ولا ما يجري مجراها.. والجواب عن ذلك ان القبطي جاز أن يكون من أهل العهد الذين أخذ عليهم أن تجري عليهم أحكام المسلمين وأن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام تقدم إليه بالانتهاء عن الدخول إلى مارية فخالف وأقام على ذلك وهذا نقض للعهد وناقض العهد من أهل الكفر مؤذن بالمحاربة والمؤذن بها مستحق للقتل.. فأما قوله بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب - فإنما عني به رؤية العلم لا رؤية البصر لأنه لا معنى في هذا الموضع لرؤية البصر فكأنه عليه الصلاة والسلام قال بل الشاهد يعلم ويصح له من وجه الرأي والتدبير ما لا يصح للغائب ولو لم يقل ذلك لوجب قتل الرجل على كل حال وإنما جاز منه عليه الصلاة والسلام أن يخير بين قتله والكف عنه ويفوض إلى أمير المؤمنين عليه السلام من حيث لم يكن قتله من الحدود والحقوق التي لا يجوز العفو عنها ولا يسع الا اقامتها لأن ناقض العهد ممن إلى الإمام القائم بأمر المسلمين إذا قدر عليه قبل التوبة أن يقتله وان يمن عليه.. ومما فيه أيضا من الاحكام اقتضاؤه ان مجرد أمر الرسول عليه الصلاة والسلام لا يقتضي الوجوب لأنه لو اقتضى ذلك لما حسنت مراجعته ولا استفهامه وفي حسنها ووقوعها موقعها دلالة على أنه لا يقتضي ذلك.. ومما فيه أيضا من الاحكام دلالته على أنه لا بأس بالنظر إلى عورة الرجل عند الامر ينزل ولا يوجد من النظر إليها بد إما لحد يقام أو لعقوبة تسقط لان العلم بأنه أمسح أجب لم يكن الا عن تأمل ونظر وإنما جاز النظر والتأمل لتبيين هل هو ممن يكون منه ما قرف به أم لا والواجب على الامام فيمن شهد عليه بالزنا وادعى انه مجبوب أن يأمر بالنظر إليه وتبيين أمره وبمثله أمر النبي عليه الصلاة والسلام في قتل مقاتلة بني قريظة لأنه أمر أن ينظروا إلى مؤتزر كل من أشكل عليهم أمره فمن وجدوه قد أنبت قتلوه ولولا جواز النظر إلى العورة عند الضرورة لما قامت شهادة الزنا لأن من رأى رجلا مع امرأة واقعا عليها ولم يتأمل أمرهما حق
(٥٥)