يعني أن الغير إنما تحمل التمر والطعام إلى الحي فحملت عير هؤلاء القتلى وقوله - لم تكن هجرية - أي لم تحمل التمر وذلك لكثرة التمر بهجر ثم قال ولا حنطة الشام المزيت خميرها ولم يرد ان هناك حنطة ليس في خميرها زيت لكنه أراد أنها لم تحمل تمرا ولا حنطة ثم وصف الحنطة بما يجعل في خميرها من الزيت وعلى هذا تأويل الآيات التي وقع السؤال عنها لأنه تعالى لما قال (ويقتلون النبيين بغير حق) دل على أن قتلهم لا يكون ألا بغير حق ثم وصف القتل بما لابد أن يكون عليه من الصفة وهي وقوعه على خلاف الحق وكذلك (من يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به) وقوله تعالى (الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها) وجهه أيضا انه لو كان هناك عمد لرأيتموه فإذا نفي رؤية العمد نفي وجود العمد كما قال لا يهتدي لمناره أي لا منار له من حيث علم أنه لو كان له منار لأهتدى به فصار نفي الاهتداء بالمنار نفيا لوجوده المنار.. وقوله تعالى (ولا تكونوا أول كافر به) تغليظ وتأكيد في تحذيرهم الكفر وهو أبلغ من أن يقول ولا تكفروا به ويجرى مجرى قولهم فلان لا يسرع إلى الخنا وقلما رأيت مثله إذا أرادوا به تأكيد نفي الخنا ونفي رؤية مثل المذكور وكذلك قوله تعالى (لا يسألون الناس إلحافا) اي لا مسأله تقع منهم ومثل الأول (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا) والفائدة ان كل ثمن لها لا يكون إلا قليلا فصار نفي الثمن القليل نفيا لكل ثمن وهذا واضح بحمد الله ومنه (باب ذكر شئ من أخبار المعمرين وأشعارهم ومستحسن كلامهم) أحد المعمرين الحارث بن كعب بن عمرو بن وعلة بن جلد بن مالك بن أدد المذحجي ومذحج هي أم مالك بن أدد نسب ولد مالك إليها وإنما سميت مذحج لأنها ولدت على أكمة تسمي ذحجا واسمها مدلة بنت ذي هميجشان.. قال أبو حاتم السجستاني جمع الحارث بن كعب بنيه لما حضرته الوفاة فقال يا بني قد أتى على ستون ومائة سنة ما صافحت بيميني يمين غادر ولا قنعت نفسي بخلة فاجر ولا صبوت بابنة عم ولا كنة ولا طرحت عندي مومسة قناعها ولا بحت لصديقي بسر وإني لعلى دين شعيب النبي عليه السلام وما
(١٦٧)