يقدر لها فعل يصح نسبته إليها والعرب تفعل مثل هذا.. قال الشاعر يا ليت زوجك قد غدا * متقلدا سيفا ورمحا فعطف الرمح على السيف وإن كان التقلد لا يجوز فيه لكنه أراد حاملا رمحا ومثل هذا يقدر في الآية فيقال انه تعالى أراد أن السماء لم تسق قبورهم وان الأرض لم تعشب عليها وكل هذا كناية عن حرمانهم رحمة الله ورضوانه [تأويل خبر].. روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن أحب الأعمال إلى الله عز وجل أدومها وان قل فعليكم من الأعمال بما تطيقون فان الله لا يمل حتى تملوا وفي وصفه تعالى بالملل وجوه أربعة * أولها انه أراد نفي الملل عنه وانه لا يمل أبدا فعلقه بما لا يقع على سبيل التبعيد كما قال تعالى (ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط).. وقال الشاعر فإنك سوف تحكم أو تناهي * إذا ما شبت أو شاب الغراب أراد أنك لا تحكم أبدا.. فان قيل ومن أين قلتم ان ما علقه به لا يقع حتى حكمتم بأنه أراد نفي الملل على سبيل التأبيد.. قلنا معلوم ان الملل لا يشتمل البشر في جميع آرابهم وأوطارهم وانهم لا يعرون من حرص ورغبة وأمل وطمع فلهذا جاز أن يعلق ما علم تعالى أنه لا يكون بمللهم.. والوجه الثاني أن يكون المعنى انه لا يغضب عليكم ويطرحكم حتى تتركوا العمل له وتعرضوا عن سؤاله والرغبة في حاجاتكم إلى جوده فسمى الفعلين مللا وان لم يكونا في الحقيقة كذلك على مذهب العرب في تسمية الشئ باسم غيره إذا وافق معناه من بعض الوجوه.. قال عدي بن زيد العبادي ثم أضحوا لعب الدهر بهم * وكذاك الدهر يودي بالرجال .. وقال عبيد بن الأبرص الأسدي سائل بنا حجر ابن أم قطام إذ * ظلت به السمر الذوابل تلعب (1)
(٤١)