الخبر ان أكثر أهل الجنة الذين كانوا بلها في الدنيا فعندنا ان الله ينعم الأطفال في الجنة والمجانين والبهائم وإنما لم نجعلهم بلها في الجنة وإن كان ما يصل إليهم من النعيم على سبيل العوض أو التفضل لا يفتقر إلى كمال العقل لان الخبر ورد بأن الأطفال والبهائم إذا دخلوا الجنة لم يدخلوها الا وهم على أفضل الحالات وأكملها ولهذا صرفنا البله عنهم في الجنة ورددناه إلي أحوال الدنيا والا فالعقل لا يمنع من ذلك كمنعه إياه في باب الثواب والعقاب [تأول آية أخرى].. قال الله تعالى مخبرا عن يوم القيامة (ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره الا لأجل معدود يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه) * وقال في موضع آخر (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) * وفي موضع آخر (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) وظاهر هذه الآيات ظاهر الاختلاف لان بعضها ينبئ عن أن النطق لا يقع منهم في ذلك اليوم ولا يؤذن لهم فيه وبعضها ينبئ عن خلافه.. وقد قال قوم من المفسرين في تأويل هذه الآيات إن يوم القيامة يوم طويل ممتد فقد يجوز ان يمنع النطق في بعضه ويؤذن لهم في بعض آخر وهذا الجواب يضعف لان الإشارة إلى يوم القيامة بطوله فكيف تجعل الحالات فيه مختلفة وعلى هذا التأويل يجب أن يكون قوله تعالى هذا يوم لا ينطقون في بعضه والظاهر بخلاف ذلك (1).. والجواب السديد عن هذا أن يقال إنما أراد الله تعالى نفي النطق المسموع المقبول الذي ينتفعون به ويكون
(٣٣)