من عرض لاثنتين ومنهم من عرض لواحدة والمكلف المعرض للثواب لابد أن يكون منفوعا بالتفضل من الوجه الذي قلناه لأنه إذا خلق حيا وجعل له القدرة والشهوة والعقل وضروب التمكين فقد نفع بالتفضل وليس يجب فيمن هذه حالة أن يكون منفوعا بالعوض لأنه لا يمتنع أن يخلو المكلف منا من ألم يبتدؤه الله به فلا يكون معرضا للعوض فمتى عرض له فقد تكاملت فيه المنافع فصار المكلف مقطوعا على تعريضه لاثنتين من المنافع ومجوزا تكامل الثلاث له.. فاما من ليس بمكلف فمقطوع في تعريضه على إحدى المنافع وهي التفضل من حيث خلق حيا ومكن من كثير من المنافع ومشكوك في تعريضه للعوض من الوجه الذي بينا وكما قطعنا على أحد المنافع فيه فنحن قاطعون أيضا على نفى التعريض للثواب عنه لفقد ما يوصل إليه وهو التكليف ولابد في كل حي محدث أن يكون معرضا لاحدى هذه المنافع أو لجميعها وإنما أوجبنا ذلك من جهة حكمة القديم تعالي لا من جهة أنه يستحيل في نفسه وإنما قلنا ليس بمستحيل لان كونه حيا وعاقلا وذا شهوة وقدرة ليس منفعة بنفسه وإنما يكون منفعة ونعمة إذا فعل تعريضا للنفع فاما إذا فعل تعريضا للضرر أو لوجه من الوجوه فإنه لا يكون منفعة ولا نعمة وأوجبناه من جهة حكمة القديم لأنه إذا جعل الحي بهذه الصفات فلا يخلو من أن يكون أراد بها نفعه أو ضره أو لم يرد بها شيئا فإن كان الأول فهو الذي أوجبناه وإن كان الثاني أو الثالث فالقديم تعالى منزه عنهما لان الثاني يجري مجرى الظلم والثالث هو العبث بعينه وقد يشارك القديم تعالى في النفع بالتفضل والعوض الفاعلون المحدثون ولا يصح ان يشاركوه في النفع بالثواب لان الصفة التي يستحق المكلف لكونه عليها الثواب وهي كون الفعل شاقا عليه لا يكون إلا من قبله تعالى وليس لاحد أن يظن فيمن يهدي إلى الدين والرشاد إلى الايمان وما يستحق به الثواب انه معرض للثواب وذلك أن المكلف قد يكون معرضا للثواب ويصح أن يستحقه من دون كل هداية وإرشاد يقع منا ولولا الصفة التي جعله الله عليها لم يصح ان يستحقه فبان الفضل بين الامرين على أن أحدنا وإن نفع غيره بالتفضل وبالتعريض للعوض فهذه المنافع منسوبة إلى الله تعالى ومضافة إليه من قبل انه لولا نعمه ومنافعه لم تكن هذه المنافع ولا نعما ألا ترى
(٣٧)