أتصرم الحبل حبل البين لم أم تصل * فكيف والشيب في فوديك مشتعل والأبيات لما عبات لقوس المجد أسهمها * حيث الجدود على الأحساب تتصل أحرزت من عشرها تسعا وواحدة * فلا العمى لك من رام ولا الشلل الشمس أياك إلا أنها امرأة * والبدر إياك إلا أنه رجل حسده الفرزدق فقال له أنت خطيب وإنما سلم له الخطابة ليخرجه عن أسلوب الشعر ولما بهره من حسن الأبيات وأفرط بها اعجابه ولم يتمكن من دفع فضلها جملة عدل في وصفها إلي معنى الخطابة.. وحسد الفرزدق على الشعر واعجابه به من أدل دليل على حسن نقده وقوة بصيرته فيه وإن كان يطرب للجيد منه فضل طرب ويعجب منه فضل عجب ويدل أيضا على انصافه فيه وأنه مستقل للكثير الصادر من جهته فان كثيرا من الناس قد يبلغ بهم الهوى والاعجاب والاستحسان لما يظهر منهم من شعر وفضل إلى أن يعموا عن محاسن غيرهم ويستقلوا منهم الكثير ويستصغروا الكبير.. ولأبيات الفرزدق التي ذكرناها خبر مشهور متداول.. أخبرنا أبو عبد الله المزرباني قال أخبرنا ابن دريد قال أخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا أبو عبيدة عن يونس قال دخل الفرزدق على سليمان بن عبد الملك ومعه نصيب الشاعر فقال سليمان للفرزدق أنشدني فأنشده الأبيات التي تقدم ذكرها فاسود وجه سليمان وغاظه فعله وكان يظن أنه ينشده مديحا له فلما رأى نصيب ذلك قال ألا أنشدك فأنشده أقول لركب قافلين لقيتهم * قفاذات أوشال ومولاك قارب قفوا خبروني عن سليمان إنني * لمعروفه من أهل ودان طالب فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله * ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب فقال له سليمان أنت أشعر أهل جلدتك.. وفي بعض الأخبار ان الفرزدق قال ذلك في نصيب سأله عنه سليمان.. وروي أيضا انه لما أنشد نصيب أبياته قال له سليمان
(٤٤)