ولجناه اغترفنا من ثبج بحرز آخر أو شؤبوب غمام ماطر وكل قول في هذا الباب لقائل إذا أضيف إليه أو قويس به كان كإظافة القطرة إلي الغمرة أو الحصاة إلى الحرة فإنما أشرنا إليه إشارة وأومأنا إليه ايماء.. ثم نعود إلى ما كنا فيه.. روى أن أعرابيا سمع كلام الحسن البصري فقال المؤمن فصيح إذا لفظ نصيح إذا وعظ.. وروى أن الحسن تلا يوما (انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال) ثم قال إن قوما غنوا في المطارف العتاق والعمائم الرقاق يطلبون الامارات ويضيعون الأمانات يتعرضون للبلاء وهم منه في عافية حتى إذا أخافوا من فوقهم من أهل العفة وظلموا من تحتهم من أهل الذمة أهزلوا دينهم واسمنوا براذينهم ووسعوا دورهم وضيقوا قبورهم ألم ترهم قد جددوا الثياب وأخلقوا الدين تبكي يمين أحدهم على شماله ويأكل من غير ماله طعامه غصب وخدمته سخرة يدعو بحلو بعد حامض وبحار بعد بارد ورطب بعد يابس حتى إذا أخذته الكظة تجشأ من البشم ثم قال يا جارية هاتي حاطوما يعني هاضوما يهظم الطعام يا أحمق لا والله لن تهضم الا دينك أين جارك أين يتيمك أين مسكينك أين ما أوصاك الله به .. وذكر يوما الحجاج فقال أتانا أعيمش أخيفش له جميمة يرجلها وأخرج إلينا بنانا قصارا والله ما عرق فيها عنان في سبيل الله فقال بايعوني فبايعناه ثم رقى هذه الأعواد ينظر إلينا بالتصغير وننظر إليه بالتعظيم يأمرنا بالمعروف ويجتنبه وينهانا عن المنكر ويرتكبه .. وروى عيسى بن عمر قال قال الحسن ان هذه القلوب طلعة فاقدعوها فإنكم ان تطيعوها تنزع بكم إلى شر غاية وحادثوا هذه النفوس فإنها سريعة الدثور قال عيسى بن عمر فحدثت بذلك أبا عمرو بن العلاء فعجب من فصاحته.. وكان يقول في بعض كلامه ما يشاء ان ترى أحدهم أبيض بضا يملخ في الباطل ملخا ينفض مذرويه ويقول ها أنا ذا فاعرفوني قال - والبض - هو الرخص اللحم وليس هو من البياض على ما يظنه قوم لأنه قد تكون الرخاصة مع الأدمة وأما قوله - يملخ - فان الملخ هو التثني والتكسر يقال ملخ الفرس إذا لعب.. قال رؤبة يصف مغترم التجليح ملاخ الملق
(١٠٨)