كيف ذاك والقضاء والقدر ساقانا وعنهما كان مسيرنا وانصرافنا فقال له عليه السلام ويحك يا أخا أهل الشام لعلك ظننت قضاء لازما وقدرا حاكما لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب وسقط الوعد والوعيد والأمر من الله والنهي ولما كان المحسن أولى بثواب الاحسان من المسيئ والمسيئ أولى بعقوبة الذنب من المحسن تلك مقالة عبدة الأوثان وحزب الشيطان وخصماء الرحمن وشهداء الزور وقدرية هذه الأمة ومجوسها ان الله أمر عباده تخييرا ونهاهم تحذيرا وكلف يسيرا وأعطى على القليل كثيرا ولم يطع مكرها ولم يعص مغلوبا ولم يكلف عسيرا ولم يرسل الأنبياء لعبا ولم ينزل الكتب لعباده عبثا ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.. قال الشامي فما القضاء والقدر الذي كان مسيرنا بهما وعنهما قال الأمر من الله بذلك والحكم ثم تلا (وكان أمر الله قدرا مقدورا) فقام الشامي فرحا مسرورا لما سمع هذا المقال وقال فرجت عنى فرج الله عنك يا أمير المؤمنين وجعل يقول أنت الإمام الذي نرجو بطاعته * يوم الحساب من الرحمن غفرانا أوضحت من أمرنا ما كان ملتبسا * جزاك ربك بالإحسان إحسانا وروى أن أبا حنيفة النعمان بن ثابت قال دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله فسلمت عليه وقمت من عنده ورأيت ابنه موسى في دهليزه قاعدا في مكتبه وهو صغير السن فقلت له أين يحدث الرجل عندكم إذا أراد ذلك فنظر إلي ثم قال يتجنب شطوط الأنهار ومسقط الثمار وأفناء الدور والطرق النافذة والمساجد ويضع ويرفع بعد ذلك حيث شاء قال فلما سمعت هذا القول نبل في عيني وعظم في قلبي فقلت له جعلت فداك ممن المعصية فنظر إلي ثم قال اجلس حتى أخبرك فجلست فقال إن المعصية لابد أن تكون من العبد أو من ربه أو منهما جميعا فإن كانت من الله فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله. وإن كانت منهما فهو شريكه والقوي أولى بانصاف عبده الضعيف. وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الامر واليه توجه النهي
(١٠٥)