وأما اعتمادهم على إعطائه الراية يوم البصرة وقياسهم إياه بأمير المؤمنين - عليه السلام - عندما أعطاه رسول الله (ص) رأيته، فإن فعل النبي (ص) ذلك وإعطاءه أمير المؤمنين - عليه السلام - الراية لا يدل على أنه الخليفة من بعده، فلو دل على ذلك لوجب أن يكون كل من حمل الراية في عصر الرسول (ص) منصوصا عليه بالإمامة وكل صاحب راية كان لأمير المؤمنين - عليه السلام - مشارا إليه بالخلافة، وهذا جهل لا يرتكبه عاقل.
مع أنه يلزم هذه الفرقة أن يكون محمد رضي الله عنه إماما للحسن والحسين - عليهما السلام - وأن لا تكون لهما إمامة البتة لأنهما لم يحملا الراية وكانت الراية له دونهما، وهذا قول لا يذهب إليه إلا من شذ من الكيسانية على ما حكيناه.
وقول أولئك منتقض بالاتفاق على قول النبي (ص) في الحسن والحسين - عليهما السلام -: " ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا " وبالاتفاق على وصية أمير المؤمنين إلى الحسن - عليهما السلام - ووصية الحسن إلى الحسين - عليهما السلام - وبقيام الحسن - عليه السلام - بالإمامة بعد أبيه ودعائه الناس إلى بيعته على ذلك، وبقيام الحسين - عليه السلام - من بعده وبيعة الناس له على الأمر دون محمد حتى قتل - عليه السلام - من غير رجوع عن هذا القول، مع قول رسول الله (ص) فيهما الدال على عصمتهما وأنهما لا يدعيان باطلا حيث يقول: " ابناي هذان سيدا شباب أهل الجنة ".
وأما تعلقهم بقول النبي (ص): " لن تنقضي الأيام والليالي حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي " إلى آخر الكلام، فإن بإزائهم الزيدية يدعون ذلك في محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن - عليه السلام - وهم أولى به منهم لأن أبا محمد كان اسمه المعروف به عبد الله، وكان أمير المؤمنين - عليه السلام - اسمه علي وإنما انضاف إلى الله بالعبودية كما انضاف جميع العباد إلى الله بالعبودية، وإن كان لإضافته في هذا