لك برسول الله صحبة لكن الشيطان دخل منخريك فأوردك النار.
وكتب - عليه السلام - إلى عماله في الآفاق بالفتح وكان فيه. " إن الله تعالى قتل طلحة والزبير على بغيهما وشقاقهما ونكثهما وهزم جمعهما ورد عائشة خاسرة " في كلام طويل، ولو كان الرجل تائبا لما قال هذا القول فيه أمير المؤمنين - عليه السلام -، مع أنا إن جوزنا توبة طلحة مع الحال التي وصفناها ووجب علينا الشك في أمره والانتقال عن ظاهر حاله، وجب أن يشك في كل فاسق وكافر ظهر لنا ضلاله ولم يظهر منه ندمه بل كان على ظاهر الضلال إلى وقت خروجه من الدنيا، وهذا فاسد. وقد استقصيت القول في هذا الباب في كتابي المعروف بالمسألة الكافية.
وأما الزبير فقتل وهو منهزم من غير إظهار ندم ولا إقلاع ولا توبة، ولو كان انصرافه للندم والتوبة لكان يصير إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - ويكون مصير إلى حيزه ويظهر نصرته ومعونته كما جرد في حربه وعداوته، ولو جاز أن يقطع على توبته ويجب علينا ولايته مع ما وصفناه، لوجب على المسلمين أن يقطعوا على توبة كل منهزم عن الرسول (ص) وإن لم يصيروا إلى حيزه ولا أظهروا الاقرار بنبوته، وقد تعلق القوم في باب الزبير بقولين رويا عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أما أحدهما: فإنهم ذكروا أن الزبير رجع عن الحرب بعد أن ذكره أمير المؤمنين - عليه السلام - كلام رسول الله (ص) فقال له عبد الله ابنه: يا أبت تتركنا في مثل هذا المقام وتنصرف عنا في مثل هذه الحال. فقال له: يا بني إن عليا ذكرني أمرا أنسانيه الدهر، فقال له عبد الله: لا ولكنك فررت من سيف ابن أبي طالب، فقالوا: فرجع الزبير عند ذلك كارا على أصحاب أمير المؤمنين - عليه السلام - فقال أمير المؤمنين: أفرجوا للشيخ فإنه محرج. قالوا: فلما شهد له أمير المؤمنين - عليه السلام - بذلك وكف أصحابه عن قتله دل على ندمه وتوبته.