والجواب الآخر: حكاه الناصر فأخبر أن داود - عليه السلام - ذكرت له امرأة أوريا ابن حنان فسأله أن ينزل له عنها ليتزوج بها بعد انقضاء عدتها، وكان ذلك مباحا في شرعه، فامتنع عليه أوريا ورغب بامرأته على جزع لحقه من الامتناع عليه ورهبة حصلت له منه.
وكانت الخطيئة من داود - عليه السلام - أن طلب ذلك من أوريا بن حنان وهو نبي وملك مطاع وأوريا رعية وتابع، ولو سأل أوريا ذلك مثله من الرعية لما كان بسؤاله مخطئا لأنه لم يكن يحدث له عند الامتناع من الجزع والخوف والهلع ما حدث له عند الامتناع من نبيه وملكه ورئيسه داود - عليه السلام -، وهذا الجواب غير بعيد، والله نسأل التوفيق.
قال الشيخ أدام الله عزه: فإن قال قائل: أليس قد نطق القرآن بوقوع المعصية من نبي من أنبياء الله سبحانه في حال نبوته، وهذا خلاف مذهبك في ارتفاع المعاصي عن الأنبياء كلهم والأئمة - عليهم السلام - لأنهم على أصلك معصومون من الذنوب والخطأ في الدين.
فالجواب: أن الذي أذهب إليه في هذا الباب أنه لا يقع من الأنبياء - عليهم السلام - ذنب بترك واجب مفترض، ولا يجوز عليهم خطأ في ذلك ولا سهو يوقعهم فيه وإن جاز منهم ترك نفل ومندوب إليه على غير القصد والتعمد، ومتى وقع ذلك منهم عوجلوا بالتنبيه عليه، فيزولون عنه في أسرع مدة وأقرب زمان.
فأما نبينا (ص) خاصة والأئمة من ذريته - عليهم السلام - فلم يقع منهم صغيرة بعد النبوة والإمامة من ترك واجب ولا مندوب إليه، لفضلهم على من تقدمهم من