وقيل لهم: أرونا أصلا واحدا له ألف فرع، وقد ظهرت حجتكم وهذا ما تعجزون عنه، وإن قالوا: ليست الأصول ألفا على التحرير وليس فيها مائة ألف فرع، أبطلوا استدلالهم، فإن قالوا: فما وجه قول أمير المؤمنين - عليه السلام - وما تأويله؟
قيل لهم: يحتمل وجوها:
منها أن المعلم له الأبواب وهو رسول الله (ص) فتح له بكل باب منها ألف باب ووقفه على ذلك.
ومنها أن علمه بكل باب أوجب فكره فيه فبعثه الفكر على المسألة عن شعبه ومتعلقاته فاستفاد بالفكر فيه علم ألف باب بالبحث عن كل باب منها ومثل هذا معنى قول النبي (ص): " من عمل بما يعلم ورثه الله علم ما لم يعلم).
ومنها أنه نص له على علامات تكون عندها حوادث كل حادثة يدل على حادثة إلى أن ينتهي إلى ألف حادثة فلما عرف الألف علامة عرف بكل علامة منها ألف علامة، والذي يقرب هذا من الصواب أنه - عليه السلام - أخبرنا بأمور تكون قبل كونها ثم قال - عليه السلام - عقيب إخباره بذلك. " علمني رسول الله ألف باب فتح لي كل باب ألف باب ".
وقال بعض الشيعة: إن معنى هذا القول أن النبي نص له على صفة ما فيه الحكم على الجملة دون التفصيل كقوله: " يحرم من الرضاع ما يحرم بالنسب " وكان هذا بابا استفيد منه تحريم الأخت من الرضاعة والأم والخالة والعمة وبنت الأخ وبنت الأخت، وكقول الصادق. - عليه السلام -: " الربا في كل مكيل وموزون " فأستفيد بذلك الحكم في أصناف المكيلات والموزونات كلها. وكقوله - عليه السلام - يحل من الطير ما يدف، ويحرم منه ما يصف، ويحل من البيض ما اختلف طرفاه، ويحرم منه ما اتفق طرفاه، ويحل من السمك ما كان له فلوس، ويحرم منه ما ليس له فلوس، وما أشبه ذلك. والأجوبة الأولة هي لي خاصة وأنا اعتمدتها.