تدفعون عن مذاهبكم بغير أصل معتمد، ولا برهان يلجأ إليه.
فقال: لسنا نقول إن النص قد ورد في الأصول حسبما ذكرت وإنما ندرك السمات بضرب من الاستخراج والتأمل.
قال الشيخ أيده الله: فقلت: هذا هو الذي يعجز عنه كل أحد إلا أن يلجأ إلى استخراج عقلي وقد أفسدنا ذلك فيما سلف، والآن فإن كنت صادقا فتعاط ذلك، فإن قدرت عليه أقررنا لك بالقياس الذي أنكرناه، وإن عجزت عنه بان ما حكمناه به عليك من دفاعك عن الأصل المعروف.
فقال:. لا يلزمني ذكر طريق الاستخراج، وجعل يضجع في الكلام، وبان عجزه.
فقال أبو بكر بن الباقلاني: لسنا نقول هذه العلامات مقطوع بها، ولا معلومة فنذكر طريق استخراجها، ولكن الذي أذهب إليه - وهو مذهب هذا الشيخ - وأومأ إلى الأول - القول بغلبة الظن في ذلك، فما غلب في ظني عملت عليه وجعلته سمة وعلامة، وإن غلب في ظن غيري سواه وعمل عليه أصاب ولم يخطئ وكل مجتهد مصيب فهل معك شئ على هذا المذهب؟
فقلت: هذا أضعف من جميع ما سلف وأوهن، وذلك أنه إذا لم يكن لله تعالى دليل على المعنى ولا السمة وإنما تعبدك على ما زعمت بالعمل على غلبة الظن فلا بد أن يجعل لغلبة الظن سببا وإلا لم يحصل ذلك في الظن ولم يكن لغلبته طريق، وهب أنا سلمنا لك التعبد بغلبة الظن في الشريعة، ما الدليل على أنه قد يغلب فيما زعمت؟ وما السبب الموجب له أرناه؟ فإنا نطالبك به كما طالبنا هذا الرجل بجهة الاستخراج للسمة.
والعلة السمعية كما وصف فإن أوجدتنا ذلك، ساغ لك وإن لم توجدناه