فهل يا أبا القاسم - أصلحك الله - تعرف أحدا من خصومك في الإرجاء والشفاعة يذهب إلى جواز الشفاعة لعباد الأصنام المشركين بالله عز وجل، والكفار برسله - عليهم السلام - حتى استحسنت استدلال شيخك بهذه الآية على المشبهة، كما زعمت، والمجبرة ومن ذهب مذهبهم من العامة، فإن ادعيت علم ذلك تجاهلت، وإن زعمت أنه إذا بطلت الشفاعة للكفار فقد بطلت للفساق، أتيت بقياس طريف من القياس الذي حكي عن أبي حنيفة أنه قال فيه: " البول في المسجد أحيانا أحسن من بعض (نقض ن خ) القياس ".
وكيف تزعم ذلك وأنت إنما حكيت مجرد القول في الآية، ولم تذكر وجه الاستدلال منها وإن ما توهمت أن الحجة في ظاهرها غفلة عظيمة حصلت منك على أنه إنما يصح القياس على العلل والمعاني دون الصور والألفاظ، والكفار إنما بطل قول من ادعى الشفاعة لهم - إن لو ادعاها مدع - بصريح القرآن لا غير فيجب أن لا تبطل الشفاعة لفساق أهل الملة إلا بنص القرآن أيضا أو قول من الرسول (ص) يجري مجرى القرآن في الحجة، وإذا عدم ذلك بطل القياس فيه. مع أنا قد بينا أنك لم تقصد القياس وإنما تعلقت بظاهر القرآن وكشفنا عن غفلتك في المتعلق به، فليتأمل ذلك أصحابك وليستحيوا لك منه.
على أنه قد روي عن الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - أنه قال: في هذه الآيات دلالة على وجود الشفاعة، قال: وذلك أن أهل النار لو لم يروا يوم القيامة شافعين يشفعون لبعض من استحق العقاب فيشفعون ويخرجون بشفاعتهم من النار أو يعفون منها بعد الاستحقاق، لما تعاظمت حسراتهم ولا صدر عنهم هذا المقال لكنهم لما رأوا شافعا يشفع فيشفع، وصديقا حميما يشفع لصديقه فيشفع، عظمت حسراتهم عند ذلك فقالوا: * (فما لنا من