قال: فلما سمعت هذا القول منه نبل في عيني وعظم في قلبي فقلت له:
جعلت فداك ممن المعصية؟ فنظر إلي نظرا ازدراني به ثم قال: إجلس حتى أخبرك فجلست بين يديه فقال: إن المعصية لا بد من أن تكون من العبد أو من خالقه أو منهما جميعا، فإن كانت من الله تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله، وإن كانت منهما فهو شريكه والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الأمر وإليه توجه النهي وله حق الثواب وعليه العقاب ووجبت له الجنة والنار قال أبو حنيفة: فلما سمعت ذلك قلت: * (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * (1).
قال الشيخ أيده الله: وفي ذلك يقول الشاعر لم تخل أفعالنا اللاتي يذم بها * إحدى ثلاث معان حين نأتيها إما تفرد بارينا بصنعتها * فيسقط اللوم عنا حين ننشيها أو كان يشركنا فيها فيلحقه * ما سوف يلحقنا من لائم فيها أو لم يكن لإلهي في جنايتها * ذنب فما الذنب إلا ذنب جانيها