قال الشيخ أدام الله عزه: ووجدت أبا القاسم قد اعتمد على هذا الكلام واستحسنه ورأيته قد وضعه في أماكن شتى من كتبه واحتج به على أصحابنا الراجئة. فيقال له: إن عمرو بن عبيد ذهب عن موضع الحجة في الشعر وغالط أبا عمرو بن العلاء أو جهل مواضع العمدة من كلامه، وذلك أنه إذا كانت العرب والعجم وكل عاقل يستحسن العفو بعد الوعيد ولا يعلقون بصاحبه ذما فقد بطل أن يكون العفو من الله تعالى مع الوعيد قبيحا، لأنه لو جاز أن يكون منه قبيحا ما هو حسن في الشاهد عند كل عاقل، لجاز أن يكون منه حسنا ما هو قبيح في الشاهد عند كل عاقل، وهذا نقض العدل، والمصير إلى قول أهل التجوير والجبر.
مع أنه إذا كان العفو مستحسنا مع الخلف فهو أولى بأن يكون حسنا مع عدم الخلف ونحن إذا قلنا إن الله سبحانه يعفو مع الوعيد فإنما نقول بأنه توعد بشرط يخرجه عن الخلف في وعيده لأنه حكيم لا يعبث.
وإذا كان حسن العفو في الشاهد منا يغمر قبح الخلف حتى يسقط الذم عليه وهو لو حصل في موضع لم يجر به إلى العفو أو ما حصل في معناه من الحسن لكان الذم عليه قائما ويجعل وجود الخلف كعدمه في ارتفاع اللوم عليه، فهو في إخراج الشرط المشهور عن القبح إلى صفة الحسن وإيجاب الحمد والشكر لصاحبه أخرى وأولى من إخراجه الخلف عما كان يستحق عليه من الذم عند حسن العفو وأوضح في باب البرهان وهذا بين لمن تدبره.
وشئ آخر وهو أنا لا نطلق على كل تارك الإيعاد الوصف بأنه مخلف لأنه نجوز أن يكون قد شرط في وعيده شرطا أخرجه به عن الخلف، وإن أطلقنا ذلك في البعض فلإحاطة العلم أو عدم الدليل على الشرط فنحكم على الظاهر وإن كان أبو عمرو بن العلاء أطلق القول في الجواب إطلاقا فإنما أراد به