وجدته في ليلة مضيه إلى الشعب، ويمكن أن يكون قد بات - عليه السلام - مرتين على فراش الرسول (ص) وفي مبيته - عليه السلام - حجج على أهل الخلاف من وجوه شتى:
أحدها في قولهم إن أمير المؤمنين آمن برسول الله (ص) وهو ابن خمس سنين أو سبع سنين أو تسع سنين ليبطلوا بذلك فضيلة إيمانه ويقولوا إنه وقع منه على سبيل التلقين دون المعرفة واليقين، إذ لو كانت سنه عند دعوة رسول الله (ص) على ما ذكروا له، لم يكن أمره يلتبس عند مبيته على الفراش وتشبهه برسول الله (ص) حتى يتوهم أنه هو فيرصدونه إلى وقت السحر لأن جسم الطفل لا يلتبس بجسم الرجل الكامل، فلما التبس على قريش الأمر في ذلك حتى ظنوا أن عليا - عليه السلام - رسول الله (ص) بائتا على حاله في مكانه، وكان هذا في أول الدعوة وابتدائها وعند مضيه إلى الشعب، دل على أن أمير المؤمنين - عليه السلام - كان عند إجابته للرسول (ص) بالغا كاملا في صورة الرجال ومثلهم في الجسم ومقاربهم. وإن كانت الحجج على صحة إيمانه وفضيلته وأنه لم يقع إلا بالمعرفة، لا يفتقر إلى ذكر هذا وإنما أوردناه استظهارا.
ومنها أن الله سبحانه قص علينا في محكم كتابه قصة إسماعيل في تعبده بالصبر على ذبح أبيه إبراهيم - عليه السلام - له ثم مدحه بذلك وعظمه وقال: * (إن هذا لهو البلاء المبين) * (1) وقال رسول الله (ص) في افتخاره بآبائه: أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل - عليه السلام - و عبد الله، ولعبد الله في الذبح قصة مشهورة يطول شرحها يعرفها أهل السير وأن أباه عبد المطلب فداه بمائة ناقة حمراء.
وإذا كان ما أخبر الله تعالى به من محنة إسماعيل - عليه السلام - بالذبح يدل على أجل فضيلة وأفخر منقبة، احتجنا أن ننظر في حال مبيت أمير المؤمنين - عليه السلام -