متناقض.
جواب - يقال إن المصلحة لا تكون من جهة القياس ولا تعرف أيضا بالتوهم ولا يتوصل إليها بالنظائر والأمثال، وإنما تعلم من جهة علام الغيوب المطلع على الضمائر العالم بالعواقب الذي لا تخفى عليه السرائر، فليس ننكر أن يكون الله سبحانه قد علم من حال رسول الله (ص) مع جميع ما شرحتم أنه لا يقدم عليه أحد ولا يؤثر ذلك منه إما لخوف من الإقدام على ذلك أو لشك فيما قد سمعوه من وصفه أو لشبهة عرضت لهم في الرأي فيه، فتدبير الله سبحانه له في الظهور على خلاف تدبير الإمام المنتظر لاختلاف الحالين.
ويدل على ما بيناه ويوضح عما ذكرناه أنه لم يتعرض أحد من عبدة الأوثان ولا أهل الكتاب ولا أحد من ملوك العرب والفرس مع ما قد اتصل بهم من البشارة بالنبي (ص) لأحد من آباء رسول الله (ص) بالإخافة، ولا لاستبراء واحدة من أمهاته لمعرفة الحمل به، ولا قصدوا الإضرار به في حال الولادة ولا طول زمانه إلى أن صدع بالرسالة.
ولا خلاف أن الملوك من ولد العباس لم يزالوا على الإخافة لآباء الإمام وخاصة ما جرى من أبي جعفر المنصور مع الصادق - عليه السلام -، وما صنعه هارون بأبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم - عليه السلام - حتى هلك في حبسه ببغداد، وما قصد المتوكل بأبي الحسن العسكري - عليه السلام - جد الإمام حتى أشخصه من الحجاز فحبسه عنده بسر من رأى، وكذلك جرى أمر أبي محمد الحسن - عليه السلام - بعد أبيه إلى أن قبضه الله تعالى.
ثم كان من أمر المعتمد بعد وفاة أبي محمد - عليه السلام - ما لم يخف على أحد من حبسه لجواريه والمساءلة عن حالهن في الحمل، واستبراء أمرهن عندما اتفقت