- عليه السلام - والزبير أبطئا عن بيعة أبي بكر، وإذا ثبت أنهما أبطئا عن بيعته وتأخرا، نقض ذلك قولهم إن الأمة أجمعت عليه ولم يكن من أمير المؤمنين - عليه السلام - كراهية لأمره.
وإذا ثبت أن أمير المؤمنين - عليه السلام - قد كان متأخرا عن بيعته على وجه الكراهة لها بدلالة ما رووه من قول أبي بكر له: " أبطأت عن بيعتي وأنا أسلمت قبلك " على وجه الحجة عليه في كونه أولى بالإمامة منه، ثبت بطلان إمامة أبي بكر لأن أمير المؤمنين - عليه السلام - لا يجوز أن يكره الحق ولا أن يتأخر عن الهدى، وقد أجمعت الأمة على أنه - عليه السلام - لم يوقع خطأ بعد الرسول (ص) يعثر عليه طول مدة أبي بكر وعمر وعثمان، وإنما ادعت الخوارج الخطأ منه في آخر أيامه - عليه السلام - بالتحكيم وذهبت عن وجه الحق في ذلك.
وإذا لم يجز من أمير المؤمنين - عليه السلام - التأخر عن الهدى والكراهة للحق والجهل بموضع الأفضل، بطل هذا الحديث. وما زلنا نجتهد في إثبات الخلاف من أمير المؤمنين - عليه السلام - على أبي بكر والتأخر عن بيعته والكراهة لأمره، والناصبة تحيد عن قبول ذلك وتدفعه أشد دفع حتى صاروا يسلمونه طوعا واختيارا وينظمونه في احتجاجهم لفضل صاحبهم، فهكذا يفعل الله عز وجل بأهل الباطل يخيبهم ويسلبهم التوفيق حتى يدخلوا فيما يكرهون من حيث لا يشعرون.
على أن بإزاء هذا الحديث عن أبي بكر حديثا عنه ينقضه من طريق أوضح من طريق أبي نضيرة، وهو ما رواه علي بن مسلم الطوسي، عن زافر بن سليمان، عن الصلت بن بهرام، عن الشعبي قال: مر علي بن أبي طالب - عليه السلام - ومعه أصحابه على أبي بكر فسلم ومضى، فقال أبو بكر " من سره أن ينظر إلى أول الناس في الإسلام سبقا وأقرب الناس من نبينا - عليه السلام - رحما وأعظمهم دالة عليه