وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى نارا ذات لهب) * (1) فقطع عليه بالنار وأمن من انتقاله إلى ما يوجب له الثواب، وإذا كان الأمر على ما وصفناه بطل ما توهموه على هذا الجواب.
والجواب الآخر أن الله سبحانه إذا رد الكافرين في الرجعة لينتقم منهم لم يقبل لهم توبة وجروا في ذلك مجرى فرعون لما أدركه الغرق * (قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين) * (2)، قال الله سبحانه: * (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) * (3) فرد الله عليه إيمانه ولم ينفعه في تلك الحال ندمه وإقلاعه، وكأهل الآخرة الذين لا تقبل لهم توبة ولا ينفعهم ندم لأنهم كالملجئين إذ ذاك إلى الفعل، ولأن الحكمة تمنع من قبول التوبة أبدا وتوجب اختصاص بعض الأوقات بقبولها دون بعض.
وهذا هو الجواب الصحيح على مذهب أهل الإمامة، وقد جاءت به آثار متظاهرة عن آل محمد - عليهم السلام - حتى روي عنهم في قوله سبحانه: * (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون) * (4) فقالوا: إن هذه الآية هو القائم - عليه السلام -، فإذا ظهر لم تقبل توبة المخالف، وهذا يسقط ما اعتمده السائل.
سؤال - فإن قالوا في هذا الجواب: ما أنكرتم أن يكون الله سبحانه على ما أصلتموه قد أغرى عباده بالعصيان وأباحهم الهرج والمرج والطغيان لأنهم إذا كانوا يقدرون على الكفر وأنواع الضلال وقد يئسوا من قبول التوبة، لم يدعهم داع إلى الكف عما في طباعهم ولا انزجروا عن فعل قبيح يصلون به إلى النفع العاجل، ومن وصف الله سبحانه بإغراء خلقه بالمعاصي وإباحتهم الذنوب فقد أعظم