الفرية عليه؟.
جواب - قيل لهم: ليس الأمر على ما ظننتموه وذلك أن الدواعي لهم إلى المعاصي ترتفع إذ ذاك ولا يحصل لهم داع إلى قبيح على وجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب لأنهم يكونون قد علموا بما سلف لهم من العذاب إلى وقت الرجعة على خلاف أئمتهم - عليهم السلام - ويعلمون في الحال أنهم معذبون على ما سبق لهم من العصيان، وأنهم إن راموا فعل قبيح تزايد عليهم العقاب ولا يكون لهم عند ذلك طبع يدعوهم إلى ما يتزايد عليهم به العذاب بل تتوفر لهم دواعي الطباع والخواطر كلها إلى إظهار الطاعة والانتقال عن العصيان، وإن لزمنا هذا السؤال لزم جميع أهل الإسلام مثله في أهل الآخرة وحالهم في إبطال توبتهم وكون توبتهم غير مقبولة منهم، فمهما أجاب به الموحدون لمن ألزمهم ذلك، فهو جوابنا بعينه.
سؤال آخر - وإن سألوا على المذهب الأول والجواب المتقدم فقالوا: كيف يتوهم من القوم الإقامة على العناد والإصرار على الخلاف وقد عاينوا فيما يزعمون عقاب القبور وحل بهم عند الرجعة العذاب على ما يعلمون مما زعمتم أنهم مقيمون عليه، وكيف يصح أن تدعوهم الدواعي إلى ذلك، ويخطر لهم في فعله الخواطر وما أنكرتم أن تكونوا في هذه الدعوى مكابرين؟.
الجواب - قيل لهم. يصح ذلك على مذهب من أجاب بما حكيناه من أصحابنا بأن نقول: إن جميع ما عددتموه لا يمنع من دخول الشبهة عليهم في استحسان الخلاف لأن القوم يظنون أنهم إنما بعثوا بعد الموت تكرمة لهم وليلوا الدنيا كما كانوا، و (لان خ) يظنون أن ما اعتقدوه في العذاب السالف لهم كان غلطا منهم، وإذا حل بهم العقاب ثانية توهموا قبل مفارقة أرواحهم أجسادهم أن ذلك ليس من طريق الاستحقاق وأنه من الله تعالى لكنه كما تكون الدول وكما حل بالأنبياء.